يشهد المجتمع السعودي الذي يحتفل هذه الأيام بالذكرى ال83 لليوم الوطني المجيد حراكاً اجتماعياً وثقافياً ونهضة علمية غير مسبوقة، يسهم فيه المواطنون من أبناء المملكة لتحقيق رؤية ونهج خادم الحرمين الشريفين في تعميم ثقافة الحوار والتواصل مع الآخر. وتمثل الذكرى السنوية لليوم الوطني في كل عام فرصة لمراجعة أبرز الانجازات والمحطات التي مرت بها المملكة منذ تأسيسها وحتى اليوم، وعلى الرغم من تعدد تلك الانجازات وتنوعها، غير أن فكرة (الحوار الوطني)، تمثل أحد أهم الإنجازات التي يفخر بها الوطن والمواطن، والتي تعكس رؤية خادم الحرمين الشريفين السبّاقة في ضرورة إطلاق حوار وطني يشمل جميع فئات المجتمع، في ظل التطورات والمتغيرات التي شهدتها الساحة السياسية العربية والعالمية خلال العام الجاري ،وكان من أبرز ثمار هذا المشروع تأسيس مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، ومركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين اتباع الأديان والثقافات. وانتهج مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني منذ انطلاق أعماله في شهر أغسطس من عام 2003م مبدأ ترسيخ ثقافة الحوار وتقبل رأي الطرف الآخر كأحد الأهداف الرئيسية والإستراتيجية له، بما يُكسب الاختلاف جانباً إيجابياً، من خلال التعرف على الرأي والرأي الآخر، ومن خلال تعزيز قنوات التواصل والحوار الفكري وتطويرها بين أفراد المجتمع، لتوثيق عرى الوحدة الوطنية. ونفّذ المركز طيلة مسيرته (9) لقاءات وطنية رئيسية للحوار الفكري، كما نظّم العشرات من اللقاءات التحضيرية والفعاليات الحوارية الأخرى في أغلب المناطق، وناقش خلال تلك اللقاءات، كمؤسسة وطنية مستقلة في المملكة، العديد من القضايا الهامة والشائكة التي تهم المجتمع، وطرحها على طاولة الحوار ومراجعتها ونقد كوامن الخلل فيها بما يتواءم مع التطور الحضاري الذي يشهده العالم، ومع الحفاظ على الثوابت الدينية والهوية الثقافية للمجتمع،كما عقد ستة لقاءات في عدد من مناطق المملكة للحوار حول الخطاب الثقافي السعودي، وتدريب نحو مليون مواطن ومواطنة وتأهيل نحو 3000 مدرب ومدربة معتمدين في 42 محافظة ومنطقة من مناطق المملكة، كما تم تدشين أكاديمية الحوار للتدريب واستطلاعات الرأي العام، كأول أكاديمية في المنطقة متخصصة لتعميق ثقافة الحوار في المجتمع السعودي، وإصدار العديد من الدراسات والمطبوعات التي لها علاقة بثقافة الحوار. 9 لقاءات وطنية للحوار وعشرات الجلسات التحضيرية وتدريب مليون مواطن ومواطنة وتدشين أكاديمية لاستطلاعات الرأي وحظي مشروع الحوار الوطني برعاية القيادة الرشيدة لبلادنا الغالية ولم يعد مجرد مشروع حضاري يستهدف إشاعة ثقافة الحوار، وإنما تجاوز ذلك ليكون منهجاً متطوراً قام مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني بتوظيفه بأسلوب علمي ومنهجي، للتوصل إلى رؤى وطنية تمثل رافداً أساسياً لمناقشة القضايا الوطنية بجميع أبعادها. واستطاع المركز أن يُشرك أغلب فئات المجتمع في الحوار الوطني، وأغلب المؤسسات الوطنية والتعليمية الفاعلة، ومؤسسات المجتمع المدني، وكذلك الأسرة، لإيمانه بأهمية دورها في ترسيخ ثقافة الحوار، وأحد المقومات الرئيسية للمجتمع. وشهدت اللقاءات الوطنية عدة تحولات خلال الأعوام الماضية كان لها الأثر الأكبر في أداء المركز، وانطلاق أعماله في آفاق أوسع ولعل من يتأمل المشهد الحواري في المملكة، يدرك هذه النقلة الحوارية الفكرية التي أحدثها وجود مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، بكل زخمه وفعالياته التي تقدم لمختلف شرائح المجتمع منظومة من الآليات الحوارية المتعددة والمكثفة التي جابت مختلف مناطق المملكة، ووصلت لمختلف المؤسسات والأكاديميات والمدارس والقطاعات الوطنية المتعددة فلأول مرة في تاريخ الحوارات الفكرية يحدث أن يشارك لمجتمع بمختلف أطيافه وشرائحه في حوار وطني شامل حول القضايا الوطنية حيث عقد مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني منذ انشائه وحتى الآن تسعة لقاءات وطنية وهي(الوحدة الوطنية والعلاقات والمواثيق الدولية , الغلو والاعتدال , المرأة حقوقها وواجباتها، قضايا الشباب الواقع والتطلعات، نحن والآخر، التعليم وسبل التطوير مجالات العمل والتوظيف، الخدمات الصحية، الاعلام الواقع وسبل التطوير)، كل ذلك من اجل تحقيق اهداف سامية ونبيلة انشئ المركز لتحقيقها وهي:تكريس الوحدة الوطنية في إطار العقيدة الإسلامية وتعميقها عن طريق الحوار الفكري الهادف، والإسهام في صياغة الخطاب الإسلامي الصحيح المبني على الوسطية والاعتدال داخل المملكة وخارجها من خلال الحوار البناء، ومعالجة القضايا الوطنية من اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية وتربوية وغيرها وطرحها من خلال قنوات الحوار الفكري وآلياته، وترسيخ مفهوم الحوار وسلوكياته في المجتمع ليصبح أسلوبًا للحياة ومنهجاً للتعامل مع مختلف القضايا، وتوسيع المشاركة لأفراد المجتمع وفئاته في الحوار الوطني وتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني بما يحقق العدل والمساواة وحرية التعبير في إطار الشريعة الإسلامية، وتفعيل الحوار الوطني بالتنسيق مع المؤسسات ذات العلاقة ، وبلورة رؤى إستراتيجية للحوار الوطني وضمان تفعيل مخرجاته، إضافة إلى تعزيز قنوات الاتصال والحوار الفكري مع المؤسسات والأفراد في الخارج.