ليس بالأمر الجديد القول إن الوطن مستهدف من أعدائه الذين يعملون ما بوسعهم للنيل منه بوسائلهم الغادرة والدنيئة، توهما منهم في خلق فوضى لتحقيق مطامعهم وأحلامهم بعيدة المنال، لكن توفيق الله عز وجل للوطن الغالي ولقيادته الرشيدة ولشعبه حال دون تحقيق الأهداف الخبيثة رغم تعددها وتنوع أدوارها ومنفذيها ممن يعملون في الظلام، ينشطون فيه للخراب والعبث، وما الحادث الإرهابي الآثم الذي استهدف إخوتنا في قرية الدالوة الآمنة والمستقرة في محافظة الأحساء إلا امتداد ليد الشر التي تحاول الفساد والإفساد في كل اتجاه وتعمل ليل نهار للإضرار بمقدرات الوطن خدمة لأعداء الدين والعقيدة وسعيا إلى الخراب . والعبث بسلامة المواطنين والمقيمين وجر بلادنا الآمنة إلى منزلقات خطيرة.. لكن خاب عملهم فقد نجحت الأجهزة الأمنية الباسلة في توجيه ضربات قاصمة للمخربين بتعاون وتأييد من جموع المواطنين الذين يقفون صفا واحدا في وجه كل المحاولات الآثمة. كل العيون والسواعد مع رجال الأمن للحفاظ على وطننا بعيدا عن يد الأشرار والكائدين والمجندين لخدمة الأعداء وإفشال مخططاتهم المكشوفة فالوحدة التي أظهرها أبناء الوطن في الأحساء والقطيف والرياض وكل مدن ومحافظات الوطن الكبير والمواقف المشرفة للعلماء جسدت وحدة الوطن ضد كل عابث ومخرب. من يحرك الإرهاب؟ الدكتور محمد النجيمي الأستاذ في المعهد العالي للقضاء عضو مجمع فقهاء الشريعة في الولايات المتحدة الاميركية الخبير في مجمع الفقه الإسلامي الدولي في جدة يقول: لا شك أن لكل وطن أعداء، سواء عرفوا أو لم يعرفوا، وهذا قدر لا بد من مواجهته بالحكمة واللحمة والقوة الأمنية في كل وقت من خلال المعرفة والتصرف السليم والمناسب تجاه كل ما يبدر من الأعداء وإيجاد ما يناسب ذلك من مواقف سواء كانت فردية أو جماعية أو رسمية وباللحمة الوطنية ووقوف الجميع مع ولي الأمر وتأييده الذي يقطع الطريق أمام مكر الأعداء ومحاولاتهم التي تعددت في هذا العصر وأصبحت أدوات خبيثة في يد المجرمين والمحرضين على الوطن، ومن هذه الوسائل أجهزة التقنية ومواقع التواصل وغيرها من منابر التحريض سواء تلك التي تحرض بشكل علني ومباشر أو التي تستخدم الألفاظ والأساليب غير المباشرة وتحث الآخرين للعبث والفوضى المرفوضة في بعض المواقع والاحداث كما يحاول هؤلاء المخربون استغلال عواطف الناس في محاولة إثارة الفتنة وكلها أساليب ماكرة ومفضوحة يعلم الجميع الى ماذا تهدف. النجيمي اضاف أن أعداء الوطن يريدون لهذه البلاد وأهلها الشر، لكن هيهات فالقارئ لكثير من الأحداث يرى كيف يعمل المخربون والضالون على محاولة تجيير كل صغيرة وكبيرة ضد الوطن العزيز ومقدراته وعقيدته السمحة.. الكل يعلم كيف يعمل الاعداء في الخفاء ضد الوطن بأدواتهم المفضوحة والمكشوفة بعدما باعوا أمانتهم بعرض من الدنيا أو لنزوات وشهوات شيطانية حقيرة فاستحق الاعداء الذل والمهانة، ينالون السخط والغضب من اسرهم وعائلاتهم بعدما رموا انفسهم تحت دعاة الفتنة. وأكد النجيمي أن من يخطط للفوضى هم من أعداء الخارج وللاسف يجدون قلة ينفذون لهم مخططاتهم الآثمة وأفكارهم الضالة. مبادرات استباقية رادعة الدكتور محمد النجيمي أثنى على الجهات الأمنية بمختلف قطاعاتها، حيث أثبتت قدرتها على التصدي لكل مخططات الفتنة والفوضى التي يريد أصحابها أن يكون لها موضع قدم في وطننا الغالي، كما كشف رجال الأمن البواسل بعض الاعمال الارهابية قبل تنفيذها وهذا دليل على قوة رجال الأمن بعد توفيق الله عز وجل لهم، ثم بما قدم لهم من دعم كبير وغير محدود من قيادة هذه البلاد، حيث أصبحت الاجهزة الأمنية تمتلك كوادر بشرية مؤهلة للتعامل مع الأخطار التي تحيط بالوطن سواء تلك التي تأتي في إطارها التقني أو البشري ما ساهم، ولله الحمد، في التصدي لكثير من أعداء الوطن وأفشل جميع مخططاتهم التي كانوا يريدون من خلالها شرا بهذا الوطن وأهله. كما نجحت الأجهزة الأمنية بيقظتها ومبادراتها الاستباقية في تقديم عدد من الإرهابيين الى يد العدالة والجهات القضائية لينالوا جزاء ما اقترفت أياديهم من جرم في حق الوطن وعقيدته السمحة، كما أثبت المواطن يقظته وتفاعله مع الأجهزة الأمنية كعنصر ثابت في مكافحة مخططات الأعداء والتصدي لجرائمهم قبل وقوعها. وطننا أمانة محمدالجيراني الرئيس السابق لمحكمة المواريث في محافظة القطيف أكد مجددا أن الوطن أمانة وأهله أمانة وقادته أمانة، ويجب على المسلم أن يحفظ هذه الأمانة ويعمل مع إخوانه على حمايتها لا إضاعتها أو التفريط فيها فهو مساءل أمام الله عن كل ما يقوم به من عمل والمواطن مطالب بأن يعمل كل ما بوسعه لحفظ أمن وطنه وحفظ أمن إخوانه المواطنين وهذا مطلب شرعي أصيل يجب على الجميع التقيد به وعدم تجاوزه أو التقليل منه في أي حال من الأحوال. ويضيف الجيراني ان حالات القتل والارهاب والاجرام ترفضها العقول والانفس الكبيرة التي تعرف ما وراء هذه الفوضى وإلى ماذا تهدف وإلى أين تريد ان تصل بالمواطن والوطن، لكن كل هذه المخططات لن تحقق اهدافها بل ستنال الفشل وهذا امر يجب ان يعرفه الجميع ولا يوجد في الوطن من ينساق خلف تلك المساعي التي تريد شرا بالوطن وأهله. ركوب الموجة هاشم السلمان من محافظة القطيف يقول إن الفوضى مرفوضة من الجميع ولا أحد لديه ذرة من عقل يقبل العبث بكل أشكاله وألوانه ومن يسعى في الفوضى يسعى إلى خراب بيته ووطنه وأمته وهذا أمر منهي عنه، ولا أحد يقبل ان يكون من بين الأسرة الواحدة من يسعى إلى خرابها وهنا يأتي دور كبير للعلماء وغيرهم في توعية الشباب بأهمية الابتعاد عن مواطن الشبهة، مشيرا إلى ان من يسعى إلى الفوضى هم أعداء للوطن والدين. أما رئيس حملة السكينة عبدالمنعم المشوح فقد حذر من كيد المجهولين والمغرضين والحاقدين الذي ينشرون الفوضى والعبث ويتزعمون التحريض للنيل من ديننا وأمننا ووحدتنا. وقال المشوح إن العابثين يتخذون من وسائط التواصل الاجتماعي أداة للتحريض ونشر الفوضى بين أفراد المجتمع، حيث يعمدون إلى وضع حسابات وهشتاقات يشوهون بها وحدتنا واتخذوا من تلك الوسائل أداة للتغرير بالشباب ولتوظيف غاياتهم الحقودة والفاسدة وللأسف فإن قلة ركبت الموجة دون وعي أو تحر. وحذر المشوح في حديثه من معركة الظل التي يقودها اعداء الوسطية، داعيا الجميع الى مواجهتها بالعلم والوعي الكاملين. وعن تعاملاتهم الفكرية تجاه الفوضى العبثية في مواقع التواصل اقترح المشوح إنشاء مركز وطني يختص بالتعامل مع ما يبث عبر شبكات التواصل الاجتماعي بغرض دراسته وتقويمه وتصحيحه وتحصين المجتمع بالتوعية والشفافية في عرض المعلومات الصحيحة فعند غيابها حتما سيضطر الفرد للأخذ من مصادر مجهولة وهنا يكمن الخطر. مؤكدا ضرورة لجم التشدد والمغالاة وصون الشباب من نفوذ الجماعات المتطرفة واصحاب الدعوات الفاسدة والمحرضين عبر وسائل التواصل التي تدعو للتطرف وتعمل على نشر الاكاذيب والشائعات وتحث الشباب على السفر الى البلاد الخارجية للمشاركة في القتال. واضاف المشوح ان 90% من الحسابات الالكترونية في مواقع الفتنة والارهاب لأشخاص غير سعوديين. وبين أن الاضطرابات وكثرة مناطق الصراع تزيد من الغلو والتطرف وهي أجواء مناسبة لظهور وانتشار وتنامي الأفكار المنحرفة، فأجواء الحروب والصراعات دائما تفتح المجال للتيارات للنمو والانتشار والتمدد، وثمة موجات تحريض ضخمة عبر الإنترنت خاصة في شبكات التواصل الاجتماعي للأفكار المتطرفة، بعضها تنتمي للجماعات المتطرفة أو متعاطفة معها، وبعضها يدعو للتطرف فقط لصناعة أجواء فوضوية في كل أنحاء العالم. أمن وأمان في السياق نفسه يرى وجيه الأوجامي رئيس محكمة المواريث في محافظة القطيف أن للمواطن دورا كبيرا وفعالا في التصدي لكل الدعوات المشبوهة التي يمكن لها ان تطال أمنه ووطنه ودينه، ويجب الوقوف ضدها بشكل قوي وأن يكون المواطن عونا لرجال الأمن في أداء واجباتهم الدينية والوطنية ولعل ذلك من أوجب الواجبات على المسلم. ونحن ولله الحمد ننعم بدولة تحكم شريعة الله في كل أمورها ويجب علينا المحافظة على هذه النعمة والالتفاف حول القيادة الرشيدة وتوحيد الصفوف ونبذ كل وسائل العنف أو الخلافات التي تؤدي بنا إلى المهالك وإحباط جميع مخططات الأعداء الذين يريدون الشر لهذه الأمة وأهلها ونحن بعون الله منتصرون على هذا الشر، فقيادة البلاد تعمل ليل نهار لتوفير الأمن لجميع المواطنين والمقيمين بكل الوسائل ويبقى دورنا نحن كمواطنين تفعيل الخطاب الديني الوطني الذي يخدم ديننا ويخدم وطننا ووحدتنا التي نباهي بها العالم منذ تأسيس هذه البلاد على يد المغفور له الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه. الاقتصاد والفوضى الدكتور عبدالله المغلوث عضو لجنة الأوراق المالية والاستثمار في غرفة الرياض، يرى أن الفوضى والاضطرابات التي تعيشها أي دولة من دول العالم تساهم كثيرا في الآثار اقتصادية السالبة والكبيرة المتعددة والمتنوعة. مشيرا الى ان التداعيات الناجمة عن الاضطرابات في تلك الدول خلقت أجواء سلبية على المناخ الاستثماري، لاسيما أن الفوضى ساهمت في إضعاف كل أوجه الحياة في بلاد الاضطراب والفوضى، وبالتالي بروز حالة من الانهيار والفوضى الاقتصادية والاستثمارية، حيث تشهد تلك الدول مصاعب اقتصادية كبيرة يصعب التكهن بمدى قدرتها على تجاوزها في غضون السنوات القليلة المقبلة. وأضاف المغلوث ان الصعوبات التي تواجه الحكومات في البلدان التي تواجه اضطرابات على مدى السنوات الأخيرة شكلت تحديا كبيرا لها، لاسيما أن البيئة الاستثمارية الجاذبة تبخرت جراء عدم القدرة على توفير المناخ الاستثماري الآمن. مؤكدا أن الشركات الأجنبية ورؤوس الأموال الأجنبية وكذلك العربية باتت غير قادرة على الدخول في تلك الدول جراء الفوضى السياسية والأمنية المنتشرة في أغلب مدنها، وبالتالي فإن الرغبة التي كانت تحدو المستثمرين للدخول في تلك البلدان تراجعت أو اختفت تماما. وأكد المغلوث أن المقومات الاقتصادية الناجعة تعتمد على عوامل أساسية، منها الأمن والاستقرار وبالتالي فإنه في حال فقدانها أو أحدها فإن الاستثمار يجد طريقه للهروب بسرعة، نظرا لكون الاستثمار في ظل انعدام الأمن يواجه مخاطرة كبيرة، بحيث يصبح الاستثمار ضحية عوضا من كونه منقذا للاقتصاديات التي تواجه صعوبات وتسهم في خلق فرص عمل جديدة في تلك البلدان. وذكر أن المناخ الاستثماري الجاذب في السنوات الماضية لبعض تلك الدول تحول بفعل الفوضى الأمنية والسياسية الى مشكلة كبيرة تتطلب تحركا كبيرا لتطويق الآثار الناجمة عنها، لافتا إلى أن رأس المال كما يقال جبان وبالتالي فإن العمل على خلق مناطق أمن وتحقيق الاستقرار السياسي يمثل الطريق نحو إنقاذ الاقتصاديات المنهارة وإعادة ترتيب البيت الداخلي للعودة مجددا للمستوى الذي كانت عليه قبل عدة سنوات. هروب المستثمرين رئيس غرفة الشرقية عبدالرحمن الراشد، ذكر أن الاستقرار الأمني عنصر حيوي في دعم الاقتصاد وزيادة حجم الاستثمارات على اختلافها، مؤكدا أن إحجام الاستثمارات الأجنبية مرتبط بالتخوف من المشاكل التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط. وقال إن الجهات الأمنية تلعب دورا كبيرا في الوقوف بقوة أمام جميع المحاولات التي تسعى لزعزعة الاستقرار وتكريس حالة الفوضى، مؤكدا ان الاستقرار السياسي يمثل مدخلا أساسيا لدخول الاستثمارات ونموها، مشيرا الى ان هناك فئات تسعى للعبث بالاستقرار الأمني الذي تنعم به بعض الدول، مبينا ان الدور الذي يلعبه المواطن كبير للغاية، فالمعلومات التي يدلي بها المواطنون تمثل مدخلا مهما في الوصول الى الأهداف المشبوهة التي تسعى الفئات الحاقدة للوصول إليها. وأضاف الراشد ان السنوات القليلة الماضية سجلت نموا في حجم الاستثمارات الأجنبية بالعالم العربي، بيد أن الفوضى شكلت عاملا طاردا للشركات المستثمرة، بحيث سجلت بعض البلدان هروب استثمارات جراء المصاعب التي واجهت المستثمرين بعد انعدام الأمن و الاستقرار، ما يشكل عنصرا أساسيا في خسارة تلك الاستثمارات، وبالتالي فإن هروب الشركات الأجنبية يمثل الملاذ والحل الأنسب لتجاوز هذه المعضلة. عقود للتعافي اعتبر عبدالرحمن العطيشان رئيس الغرفة التجارية الصناعية في المنطقة الشرقية، ان الفوضى لا تقتصر على الآثار الآنية بقدر ما تنعكس بصورة مباشرة على الأجيال القادمة، مشيرا الى أن استبعاد بعض المؤسسات من المشاركة في اتخاذ القرارات يسهم في خلق بيئة ضاغطة مما يولد الانفجار، مضيفا ان الاقتصاد يمثل موردا من الموارد الأكثر تضررا من جراء الفوضى التي تواجه بعض البلدان، مبينا ان الفوضى تخلق مشاكل كبيرة على البيئة الاقتصادية لتلك الدول، مما يجعل عملية الخروج من تلك المشاكل صعبة للغاية، متوقعا ان تبدأ تلك الدول في التعافي بعد 3 عقود تقريبا، فغياب الاستقرار وانعدام الأمن يوفران بيئة طاردة للتنمية. وقال العطيشان: إن هروب رؤوس الأموال يمثل المظهر الأبرز بعد انتشار الفوضى وبروز المشاكل الأمنية، حيث تعمد الشركات للعودة لبلدانها أو البحث عن بيئات استثمارية أكثر جاذبية، مؤكدا أن ضخ رؤوس الأموال لا يمثل الخيار الأفضل لتجاوز المشاكل الاقتصادية بعد انتهاء الفوضى، فالآثار الايجابية لا تعدو عن كونها مؤقتة وليست ذات بعد استمراري، مشددا على ضرورة خلق بيئة استثمارية مثالية من خلال سن الأنظمة والتشريعات القادرة على استقطاب رؤوس الأموال، مؤكدا ان العمل المؤسسي يشكل العنصر الأهم لبناء اقتصاد قوي قادر على مواجهة الصعاب، معتبرا ان التقدم العلمي يمثل المدخل الأساس وراء بناء اقتصاد متين، لافتا الى ان البلدان التي تفتقر للموارد الطبيعية كما هي اليابان وكوريا لجأت الى التقدم العلمي وتنمية العقول وإدخال التكنولوجيا لتعويض انعدام الموارد البشرية، مضيفا ان العقول المبتكرة تجلب العقول والأموال والاستثمارات الأجنبية. محاولات التعطيل الدكتور إحسان بوحليقة رئيس مركز جواثا الاستشاري أكد أن الاستقرار مطلب رئيسي وأساسي لنمو أي اقتصاد ولا يمكن إغفال هذا الجانب بأي حال من الأحوال. مشيرا إلى ان الفوضى لا تخدم الاقتصاد بل تعطله وتجعله متعثرا بشكل كبير وتشل حركته ولها تأثير مباشر على تدني الفرص الوظيفية في القطاع وعدم الاستقرار يؤثر أيضا في جانب الإنتاجية ويؤثر أيضا في عوامل الإنتاج ومستلزمات الإنتاج بكل أنواعها، العمالة والتمويل وغيرهما، ويؤثر كذلك على جذب الاستثمار الخارجي وذلك لأن المستثمر يريد الاستقرار في الدرجة الأولى والاستقرار المستمر وطويل الأمد وليس الاستقرار المحدود، وهذا لا يتحقق في ظل وجود أي فوضى تؤثر على هذا الاستقرار.