×
محافظة المنطقة الشرقية

القبض على 33 شخصاً لعلاقتهم بـ«جريمة الأحساء»

صورة الخبر

جلست أمامي تردّد بعض عبارات سمعتها أو قرأتها، تردّدها كنوع من الهذيان، تبدو مقتنعة بها، لكنها لا تفهمها وإن ظنّت أنها تفهمها!! استغرقت وقتًا، وإصرارها يتزايد مع كلّ دقيقة أن تثبت لي أن ما تقوله هو الحقيقة، وما عداه خداع!! كانت تتكلّم عن إنسان العصر الذي فقد ذاته الحقيقية ويعيش بذات مزيفة، ممّا أهدر طاقة حياته الحيوية، وجعله يعيش وجودًا ناقصًا يسلبه الفرص لأن يكون سعيدًا حقًّا، هائنًا في حالة من السلام والصفاء الداخلي. واسترسلت تتحدّث عن الفجوة بين ذات الإنسان الحقيقية، وذاته المزيّفة التي تظهر حينما تسأل أحدهم: من أنت؟ فيجيب: أنا طبيبٌ، أو أنا محامٍ.. أو أنا أمٌّ، أو أنا أبٌ. إنها ترى أن الإنسان يعرّف نفسه بذات مزيّفة يصنعها وضعه الاجتماعي، أو وضعه الوظيفي إنه ببساطه يعرّف نفسه بما يفعل لكنه لا يستطيع الإجابة عن (مَن هو)!! وأخذت تؤكّد على أنّ عدم قدرة المرء على أن يُعرّف ذاته الحقيقية، يعني أنه لا يعرفها، ولم يتعامل معها قط!! وحينما سألتها: وما هي تلك الذات الحقيقية التي تقصدين؟ لم تعطني جوابًا واضحًا، واكتفت بالتعبير عن سخطها على هذا العالم الذي يفرض علينا العيش وفق أدوار مفروضة علينا، وليس وفقًا لذواتنا الحقيقية!! وحينما ناقشتها في عدم صحّة ذلك، انفعلت بشدّة وأكّدت لي أن ما تقوله هو عين الصواب؛ لأن أستاذها الذي تقدّره هو من يقول ذلك!! وأصبحت بين أمرين كل منهما مرّ: الأوّل: أن أبيّن لها أن ما تقوله من شأنه أن يتسبّب لها في اضطرابات عالية. الثاني: أن أقنعها بأن احترامنا لأساتذتنا لا يعني أن نُساق خلف كلامهم دون إعمال عقولنا. هذا فيما يقولونه من أقوال هم أصحابها، فما بالنا إذا كان هذا الأستاذ ينقل عن غيره ويدّعي أنه رأيه وبحثه ومنطقه؟! إن الحديث عن الذات الحقيقية والمزيفة هو حديث كتب عنه د. فيليب ماكجرو المعروف بـ(د. فيل) الذي أسهب في الحديث عن الذات الحقيقية التائهة في أعماقنا والتي تعني كل قوّة المرء وقيمه المتفرّدة التي تحتاج لأن نعبّر عنها وليس ما تمّت برمجتنا عليه وترتيبنا على الاعتقاد بأنه يفترض علينا أن نكونه أو نفعله. ويرى أن الوضع الاجتماعي والعملي والعلمي هو ذات مزيفة، كما يرى أن التجارب والآلام والخبرات التي تكتسبها فتشكّل شخصياتنا هي نوع من تزييف الذات!! إن قولاً كهذا فيه كثير من الهذيان. لأن المرء لا تتبلور شخصيته، ولا تظهر ذاته إلاّ بالتجارب والخبرات، كالماس الذي يحتاج إلى صقل وتلميع ليظهر بريقه وتبدو قيمته الحقيقية. وأن الوضع الاجتماعي والعلمي هو جزء من إنجازاتنا وتحقيق ذواتنا، فأين الزيف في ذلك؟ وإن كان هناك أشخاص فرضت عليهم الظروف أن يقوموا بأدوار لم يرغبوا فيها، فلا يعني هنا أن ذاته مزيفة. فالمرأة التي تمتلك كمًّا عظيمًا من الرغبة في الأمومة، وكمًّا هائلاً من الحنان والعطف، ولم يُقدّر لها أن تتزوّج، أو تنجب إذ أرادت لها المشيئة الإلهية غير ما أرادت نفسها، وما هو مخزون بداخلها، هل يمكن الحكم عليها بأنها تعيش ذاتًا مزيّفة؛ لأن حياتها التي تعيشها وشخصيتها العامة أمام الناس تتعارض مع الرغبات والعواطف والرؤى التي تعرّف ذاتها الحقيقية؟!. هل نحكم عليها بأنها تعيش حالة من عدم الإخلاص لذاتها الحقيقية!! وإن حققت نجاحًا علميًّا وعمليًّا نسمّيه ذاتًا مزيفة!!. إن كثيرًا ممّا نقرأ ونسمع ليس بالضرورة أن يكون الحقّ، ولا الصواب دائمًا، حتى لو قاله شخص مشهور، أو شخص نثق به، إذ علينا أن نفنّد ما نقرأ ونسمع كي لا نكون مجرّد ببغاء يردّد الكلام ولا يعي ما يقول!! alshaden@live.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (46) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain