كشف الكويتي جاسم يعقوب كبير هدافي دورات كأس الخليج العربي لكرة القدم في تاريخها الممتد منذ عام 1970 عن صعوبة تحديد ما يسمى «أسطورة البطولات الخليجية» على اعتبار أنه لا توجد ضوابط لاختيار اللاعب الذي يستحق هذا اللقب، مطالبا في الوقت ذاته بضرورة استمرار «الدورة» التي تتجاوز أهدافها مجرد إقامة المباريات بين المنتخبات الخليجية إلى ما هو أبعد حيث الترابط بين أبناء المنطقة الواحدة. وكشف «المرعب»، وهو اللقب الذي عرف به جاسم يعقوب، عن كثير من الأمور التي تخصه وتخص منتخب بلاده الأكثر حصولا على بطولات الخليج، وكذلك رأيه في النجم الخليجي الأبرز، وموضوعات أخرى، في ثنايا هذا الحوار الذي تنفرد به «الشرق الأوسط» مع نجم الكويت الأول: * بعد 44 عاما من انطلاقة بطولة كأس الخليج لكرة القدم.. هل تعتقد أنه حان وقت توقفها كما يطالب كثيرون؟ - أعتقد أن بطولات الخليج لها أفضال على الجميع من أبناء الدول الخليجية، ولذا أرى أن استمرارها مهم، على أن يكون وقتها يناسب جميع المنتخبات، ولا يؤثر على المسابقات المحلية، ولا يمكن أن ننسى أو نتجاهل أن بطولات الخليج ساهمت بشكل مباشر في تشييد البنية التحتية للرياضة في الخليج، وأبرزت نجوما كانت لهم مساهمات كبيرة، ولذا يجب أن تبقى مكانة هذه البطولة عالية، ولا يتم إيقافها، لأن في ذلك ظلما لجيل من الرياضيين في الخليج. حقيقة، أحرص دائما على متابعة أي بطولة خليجية، لأن لها مذاقا خاصا ومكانة لدى جميع الخليجيين لدورها الريادي في تطور الكرة الخليجية بشكل عام، حيث نجح الكثير من المنتخبات الخليجية في أن تحقق إنجازات كثيرة بعد عدة مشاركات في هذه البطولة. * من الرياض، انطلقت نحو النجومية وتحديدا في البطولة الثانية في عام 1972، ما أبرز الذكريات التي لم تفارق ذهنك منذ 42 عاما؟ - هناك كثير من الذكريات أختزنها من تلك الدورة، حيث سجلت أول أهدافي في مرمى المنتخب السعودي، وتحديدا في مرمى الحارس الكبير أحمد عيد، الذي يشغل حاليا رئاسة الاتحاد السعودي. وأتذكر اللحظة التي نزلت فيها لأرض الملعب وكانت أمام المنتخب السعودي، وقبل دخولي للملعب كانت هناك معارضة من قبل بعض الإداريين على نزولي للملعب والمشاركة في المباراة، ولكن المدرب الصربي المعروف ليوبيسا بروشتش أصر على مشاركتي، وبالفعل شاركت في المباراة وسجلت هدفا في المباراة كان له أثر كبير في حصول المنتخب الكويتي على اللقب، خصوصا أن المباراة انتهت بالتعادل الإيجابي أمام المنتخب المستضيف الذي كان مليئا بالنجوم. وكانت تلك المباراة تمثل تحديا خاصا، والحمد لله في نهاية المطاف فزنا بذهب تلك الدورة، مما زرع في نفسي ذكرى خاصة، وكلما عادت البطولة للرياض عادت بي الذاكرة عقودا إلى الوراء. * لماذا كان هناك رفض لمشاركتك في مباراة السعودية؟ - السبب كان صغر سني حيث كنت حينها لم أتجاوز 17 عاما، وكان هناك تخوف من حرق موهبتي، خصوصا أن المشاركة في مثل هذه البطولات وبوجود نجوم على مستوى فني عال سلاح ذو حدين، فقد يتألق اللاعب في مثل هذه المباريات وينطلق بقوة نحو المجد، أو تساهم المشاركة في مثل هذه البطولات وتحديدا أمام منتخب قوي في نهاية موهبة اللاعب. ولكن، ولله الحمد، تألقت في تلك المباراة ضد المنتخب السعودي، وفي الدورة بشكل عام، وسجلت 3 أهداف أعزها على قلبي الأول في شباك أحمد عيد، وهو أحد الأشخاص المقربين جدا إلى نفسي، وأتمنى له التوفيق في مهامه في قيادة الاتحاد السعودي لكرة القدم إلى مزيد من الإنجازات. * هل توافق من يقول إن تحقيق المنتخب الكويتي البطولات الخليجية هو نتيجة للعامل النفسي والحظ أحيانا على اعتبار أن هناك بعض البطولات يكون فيها المنتخب الكويتي أقل من المطلوب، لكنه يحصد الذهب، وهذا رأي كثير من المتابعين للبطولات الماضية؟ - هذا كلام غير صحيح، أو على الأقل لا أوافق من يردده، فالعامل النفسي والحظ غير موجودين أبدا، بل هناك ثقافة لدى لاعبي المنتخب الكويتي في جميع الأجيال بأن البطولات الخليجية لعبة كويتية، وهذه الثقافة ستستمر، وأثق أن الكويت لن تكون في أي جيل من أجيالها سوى رقم صعب في البطولات الخليجية. * في رأيك من هو أسطورة الخليج بعيدا عن كونك تستحق هذا اللقب في نظر كثيرين؟ - إذا تم تحديد مقاييس واضحة لـ«الأسطورة»، فيمكن البناء على هذه المقاييس، وأنا في نظر كثيرين من الخليج بشكل عام أسطورة وبناء على معطيات يرونها، وهناك من يرى أن اللاعب ماجد عبد الله هو أسطورة الخليج، وحدث تصويتان في إحدى الفضائيات الكبيرة في الخليج خلال الفترة من 2001 وحتى 2007 أحدهما اختارني الجمهور فيه، والآخر لماجد عبد الله. ورغم اختياري من قبل الجمهور بالتصويت، ومن بينهم سعوديون، فإنني غير مقتنع بآلية تحديد الأسطورة، ما دامت الضوابط والمقاييس معدومة، ولذا لا يمكن أن أحدد من هو أسطورة الخليج. * لكن زميلك السابق في المنتخب الكويتي حمد بو حمد لا يتردد في إعلان رأيه أن أسطورة الخليج هو ماجد عبد الله، هل هذا يزعجك؟ - لا أبدا، وحمد صديق قديم، وما ذكره يمثل وجهة نظره الشخصية، وكما أن هناك سعوديين يعتبرونني أسطورة الخليج، فهناك كويتيون يعتبرون ماجد هو الأسطورة، وكل شخص يتحدث عن وجهة نظره. وفي هذا الجانب، أود أن أشير إلى أنني أعتبر أن ماجد أسطورة بأخلاقه العالية ومستواه الفني، وهو صديق قديم، ولكن كما قلت يجب ألا تخلط الأوراق ويتم تحديد أسطورة الخليج بالتبني من أي جهة كانت دون وضع ضوابط وشروط لها، ويكون المقيم للمستويات الفنية خبراء في هذا المجال وليس بطريقة «الفزعة». * أنت أكثر لاعب خليجي سجل في دورات كأس الخليج، حيث سجلت 18 هدفا في 3 دورات فقط وتتقدم بفارق هدف واحد عن النجم السعودي الكبير ماجد عبد الله من حيث عدد الأهداف في بطولات الخليج.. هل تعتقد أن ذلك كاف لحسم الجدل حول الأسطورة؟ - كما ذكرت، إنه يتوجب أن توضع مقاييس، وإذا كان اختيار الأسطورة بعدد الأهداف، فالأرقام لا تكذب أبدا.. أنا اللاعب الذي سجلت 18 هدفا بصفتي أكثر اللاعبين تسجيلا في البطولات الخليجية، وماجد ثانيا. وبعيدا عن الألقاب، علاقتي مع ماجد علاقة أخوية يخفى حجمها على الكثيرين. * من اللاعب الكويتي الذي ترى أنه «خليفتك» أو على الأقل روح الحماس والحس التهديفي متطابقة معك؟ - أعتقد أنه النجم بدر المطوع الذي يعتبر من أبرز نجوم الجيل الحالي، ليس في الكويت فحسب، بل في الخليج، وهو نجم في كل شيء من حيث الإمكانات الفنية والأخلاق. * النجوم عادة ما تكون لهم مكانة خاصة لدى القيادات الرياضية في الخليج، هل نلت المكانة التي تستحقها من المسؤولين الكبار؟ - الحمد لله أنني حظيت بهذا الشرف، حيث ربطتني علاقات مع القيادات الرياضية الخليجية وفي مقدمتهم الأمير فيصل بن فهد (يرحمه الله) الذي لم ينقطع تواصلي معه، وكان قد أبدى تكفله بإجراء عملية لي بعد الحادث الأليم الذي تعرضت له، ولكن سبق ذلك الديوان الأميري الكويتي الذي تكفل بعلاجي في أميركا، ومن هنا أدعو الله العلي القدير أن يغفر ويرحم الأمير فيصل بن فهد، وكذلك الشهيد فهد الأحمد، وكل من لهم فضل على الكرة الخليجية ممن رحلوا عن عالمنا. ولا أنسى أن الأمير فيصل احتفى بي بعد عودتي من رحلتي العلاجية بحفل غداء، كما أن علاقتي بالشيخ عيسى بن راشد لا تزال قوية، وأحرص على أن أزوره كلما حانت الفرصة ووجدت في المنامة. * في المقابل، هل هناك من حاربك حينما كنت نجما أو حتى بعد الاعتزال وتعرضك لحادث مأساوي؟ - بالطبع هناك من حاربني، وهذا لا يمكن أن أنفيه.. يوجد دائما أعداء للنجاح، ولا يزال هناك من يحاول التقليل من شأني، ولكنني واثق من نفسي ولا أسعى للصدام مع أحد يقلل من إنجازاتي، ولكن إذا ما كانت هناك ضرورة في التصدي لمن يحاولون الإساءة لي فلا أتردد في ذلك, وحقيقة كانت هناك صراعات وخصومات، وهذه أمور لا تخفى على أحد، ولكنني وفقت ونجحت في التصدي لها، والتاريخ يشهد لي ولنجوميتي وما قدمته في الملاعب خلال مسيرتي الكروية. * هل كانت الحرب الموجهة ضدك سبب في عدم توليك مناصب إدارية أو حتى الوجود محللا فنيا في إحدى الفضائيات؟ - لا يمكن الجزم بذلك، وأنا من طبعي لدي نيات حسنة تجاه الآخرين. وفي موضوع التحليل الفضائي، قد كانت لدي تجربة في التحليل في «خليجي 19» وشاركت في تحليل مباراة الكويت والعراق، ولكن لم أر أنني قادر على أن أبقى في هذا المجال، فانسحبت، فليس كل نجم أو لاعب معتزل قادرا على العمل محللا. * دورة الخليج المقبلة على الأبواب، ما المنتخب الذي تعتقد أنه الأقرب لحصد اللقب في النسخة الـ22؟ - أعتقد أن المنتخب الإماراتي حامل اللقب بات مرشحا فوق العادة، خصوصا أنه الأكثر استقرارا من جميع منتخبات الخليج بقيادة مدربه الوطني الكفء مهدي علي الذي قاده للفوز بجداره في النسخة السابقة كما كان متوقعا. كما أن المنتخب السعودي مرشح قوي، خصوصا أنه المستضيف، وتتميز الكرة السعودية بوجود دوري قوي جدا، ويضم لاعبين على مستوى فني عال، وهما المرشحان الأوفر حظا للفوز بالنسخة المقبلة. أما المنتخب الكويتي فقد يكون وضعه كسيناريو مكرر من النسخة الماضية، فلا أعتقد أنه جاهز بالشكل الكافي لتحقيق البطولة المقبلة.