رُبَّ ضارة نافعة، {وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم}. أحياناً يرى المرء أو يسمع ما يسوؤه، ويجعل قلبه يتقطع ألماً، لكن الله يريد بذلك خيراً له. من خلال متابعتي لهاشتاق الهلال وسيدني في تويتر، في مباراة نادي الهلال في نهائي بطولة آسيا، لفت انتباهي شيء خطير، وخطير جداً، هو عبارة عن قنبلة موقوتة. ففي وسط التغريدات المتعلقة بسير أحداث المباراة توجد مداخلات وتغريدات لبعض أعضاء تنظيم داعش الناشطين في تويتر؛ إذ يدعون إلى استغلال المباراة للترويج لبضاعتهم الفاسدة البائرة من خلال وقت الفراغ الذي سيقضيه الجمهور في انتظار المباراة، ودعوا إلى نشر مقاطع الفيديو الخاصة بهم وروابطهم ومنشوراتهم؛ لكي يطلع عليها الشباب، ويشغلوا وقت فراغهم بهذا الهوس، ومحاولة استقطاب الشباب والتغرير بهم. لقد أراد الله أن يكشفهم لنا، ويبصرنا بما يحاك ضد هذه الأمة من خلال استغفال أجيالها القادمة وطعن شبابها من الظهر، وهذا ينبهنا إلى أن تنظيم داعش يفكر ويخطط لحربه التي لا تتوقف ضد الأمة وفئات مجتمعاتها كافة. ولعل من أهم أدواته الإعلام الجديد، خاصة تويتر، وينتهزون الفرص التي تجمع الشباب؛ لكي يبثوا سمومهم وأفكارهم المنحرفة التي تدل على مجموعة من أمراض وعقد؛ لذلك هم يحاولون في كل حدب وصوب؛ لعلهم يصطادون بعض السذج الذين يعانون انحرافات نفسية وعقداً وأفكاراً سوداوية، ويكونون صيداً سهلاً لهؤلاء. إن هذا التخطيط الإعلامي من قِبل القائمين على تنظيم داعش يكشف مدى المكر والغدر وعدم الإنسانية والقلوب المريضة التي تحتويها أجسادهم، فهم يريدون الإيقاع بشباب أبرياء دون وازع أخلاقي ولا إنساني. ولكن في واقع الأمر، فإن خططهم ليست أكثر من مجرد بالون إعلامي. ونرى أن أهم وسيلة لتحصين شبابنا ضد هذه المؤامرات الخطيرة والاستهداف الماكر هو الهجوم والحرب الإعلامية ضد هذا التنظيم الظلامي الشيطاني الفاسد الذي يريد إفساد جيل المستقبل وأمل البلاد وكنوزها الواعدة، وهو استهداف للعقيدة وللوطن وللمجتمع بأسره بل لمستقبل الأمة؛ لأن من يريد تغييب الشباب اليوم - بلا شك - يريد قتل المستقبل؛ لذا لا بد من محاربتهم من خلال الإعلام، ولاسيما الجديد، الذي أثبت فعاليته وقدرته على الوصول إلى آفاق بعيدة، وإلى مختلف شرائح المجتمع، ونجابههم بالسلاح ذاته الذي يريدون قتالنا به، خاصة أن هناك من يقع في شراكهم، لكن سرعان ما يكتشف زيفهم وكذبهم. والروايات التي تصل من هناك تدل على أنه يجذب فريسته لكي يتم تقديمها قرباناً للتنظيم، وإلا فمصيرك الحتمي القتل في حال لم تستجب لرغباتهم. إن أحداث المباراة آنفة الذكر كشفت المخطط الخبيث لأعضاء التنظيم الدموي الحاقد على المجتمع عدو الحياة والإنسانية. كشفت أن شبابنا في خطر؛ وهو بحاجة إلى المزيد من التحصين والوعي والتبصير؛ لأنه أمانة في أعناقنا، وسنُسأل عنه أمام الله؛ فلا نقف مكتوفي الأيدي، ولاسيما أن لدينا إعلاماً قوياً واسع الانتشار وقدرات متميزة على توظيف الإعلام الجديد بكل أدواته وآلياته من أجل إنقاذ هذا الجيل وإفساد مخططات داعش التي تتربص بثروة البلاد وبرجال المستقبل. وأتصور أن منهجنا الإعلامي لتوعية الشباب وصد هجوم (داعش) الغادر يبدأ من خلال توحد الجمهور وتذويب عوامل الاختلاف، ورسم الخطط الواعية المحكمة، وتنفيذها بدقة على أرض الواقع عاجلاً، وأن تستهدف تلك الخطط فئة الشباب، وتبين لهم حقيقة (داعش)، وتسليط الضوء على فكرهم المخالف للدين الإسلامي، والدخول معهم في حوارات لكشف زيفهم ودحرهم، وتبصير الشباب بالطريق الصحيح من خلال إعداد محتوى إعلامي عميق ومؤثر ومقنع، يتم بثه لهم، وإشغالهم في أوقات تجمعاتهم، وإعداد برامج تفيدهم ثقافياً ودينياً وترويحياً، تصب في مجملها في تشكيل مناعة قوية ودائمة ضد محاولات المنحرفين فكرياً، تقدَّم من خلال خبراء يتمتعون بقوة الطرح وعمق المحتوى وجودة المضمون والقدرة على الإقناع والتأثير؛ حتى تؤتي تلك البرامج أكلها، وتنجح في إفساد خطط (داعش)، وعدم تمكينهم من تحقيق أهدافهم الخبيثة المدمرة القاتلة لعقول النشء، والمحاربة للدين وللحياة والإنسانية. الفراغ قاتل، وهو أشد خطراً على الشباب من أي شيء آخر، فإن لم نسرع بملئه بما يفيد ويقنع ويؤثر فسيملؤه غيرنا بما يضر ويفسد ويدمر. ويا ليت غيرنا ممن يصلح، بل البديل هو تلك التنظيمات الظلامية عدوة الحياة والإنسانية والدين والوطن وكل شيء جميل.