تنتزع انغيلا مركل لقباً تاريخياً من الراحلة مارغريت ثاتشر. المرأة ليست "حديدية" وحسب، بل هي من أقوى نساء العالم. متصدرة عناوين الصحف اليوم، بعد فوزها بولاية ثالثة في الانتخابات التشريعية في ألمانيا. هي "mutti" او "الأم" في المجتمع الألماني، الذي استعاد معها "تاريخاً" منقطعاً من العلاقات والنجاحات البارزة على رغم كل التحديات التي تتنظر ادارتها الجديدة. المرأة القوية استطاعت دون سواها من زعماء اوروبا بعد الأزمة الاقتصادية "المفترسة"، ان تحقق فوزاً يحسدها عليه رؤساء دول. ورغم انشغالها بزواج ثانٍ بعد طلاقها لم تُنجب مركل اي أطفال، ولم تنس تاريخها في النضال الشخصي بعد انتقالها من حياة عادية بسيطة الى أضواء السياسة والشهرة العالمية. ليست رمزية مركل هي بالفوز، بل بما تعمل عليه مع فريقها. فهي تسعى بكل جهد منذ توليها الولاية عام 2005 الى تحقيق اقتصاد مرن وقوي، واستعادة علاقات كانت موتورة مع بعض الجيران في الاتحاد الاوروبي. مركل براغماتية محنكة، إذ تستغلّ توددها من الناخبين لتسديد ضربة إلى حزب "الخضر" وسلبه بنداً من برنامجه السياسي، يتمثّل في تخصيص يوم شهرياً تمتنع خلاله المطاعم عن تقديم اللحوم، للمساهمة في تقليص استهلاكها، وتالياً خفض غازات الدفيئة. مركل التي تنفخ في الجذور المسيحية، لتستميل الشريحة المحافظة في "الخضر" وأحزاباً أخرى، سبق أن انتزعت من الحزب أبرز مطالبه، أي الاستغناء عن الطاقة النووية المدنية، إثر كارثة "فوكوشيما في اليابان. ويبدو أن ما يفتقر إليه خصوم مركل هو حنكتها، إذ تعوزهم الحيلة حين تبدّد الحدود بين مشروع حزبها وبرامجهم الخاصة، وتتبنى المطالب التي تحدس بأنها تلقى قبولاً شعبياً. ويؤدي ذلك إلى تعاظم تهافت الفروق بين الأحزاب، إثر طي الحرب الباردة التي لم تندمل ندوبها في النسيج المديني للعاصمة الألمانية، ونفوس سكانها. ومركل "ملكة"، كما تقول كارين هاينتسل، مسؤولة العلاقات الدولية في "الحزب الليبيرالي الديموقراطي". وهي كذلك "الثعلبة" التي "سرقت" البرنامج الانتخابي لـ"الحزب الاشتراكي الديموقراطي"، و"قطفت" نتائجه الإيجابية، كما يقول شتيفين رولكه، نائب الناطق باسم الحزب. وحققت مركل امس الأحد نصراً شخصياً في الانتخابات التشريعية، حيث حصد حزبها المحافظ، الاتحاد المسيحي الديموقراطي، أكثر من 42 في المئة من الاصوات لتبقى بذلك على رأس المستشارية لولاية ثالثة.