×
محافظة المنطقة الشرقية

إدارة الطرق بالشرقية ترصد «2313» مخالفة

صورة الخبر

كنت أتابع الانتخابات في تونس، وتونس لمن لا يعرفها فإنها أكثر بلاد العرب حضارة، وشعبها مثقف، والقيروان أهدى للعالم المفهوم الاجتماعي والثقافي والحضاري عبر مجموعة من علمائه، فتونس فعلا غير بقية العرب في التناسق الاجتماعي والثقافي والحضاري، ونورسين أحد بنات تونس كتبت تقول: إن عائلتها مارست الديموقراطية في البيت قبل الوصول إلى صناديق الاقتراع فأبوها وأمها اتجاههما إسلامي بالإضافة إلى زوجة أخيها، وأخوها ليبرالي وهي علمانية، وهكذا بقية الأسر والكل راض بما هو عليه من أمر، ومع أن حزب النهضة حزب إسلامي ويقوده راشد الغنوشي إلا أن فكر هذا الحزب وفكر رئيسه يختلف عن بقية الاتجاهات والأحزاب الإسلامية في العالم الإسلامي الذي تعيش قياداته وأعضاؤه شيئًا من حب التملك ومعادة الآخر وعدم قبوله كونه فقط غير إسلامي وهذا خطأ، ذلك أن حزب النهضة في تونس يملك نضجًا للقضايا ويمنح مساحة للفرقاء ويعطي دورًا للعقل، لقد كان من المتوقع من أعضاء حزب النهضة وهم الذين اضطهدوا وسجنوا وعذبوا أن تكون فرصتهم بعد استلامهم للحكم أن يجابهوا وينكلوا بمن نكل بهم، لكنها تونس الخضراء التي استطاعت أن تجعل ربيعها أخضر، والمفارقة هنا بين الإسلاميين الذين أخفقوا في بلادهم في التفاهم مع الآخر وبين تونس الديموقراطية هو في نقص فيتامين «الوعي السياسي»، وكلما ألقى صديقي الدكتور صدقة فاضل يقول لي: فتش عن السياسة، فالسياسة وممارستها بطريقة صحيحة ناجحة ومنح الآخرين حق الحياة والحرية وعدم البطش هو ما يجعل التعايش والتقارب بين الفرقاء ينبض وموجود، فالوعي السياسي لدى الشعب التونسي وبشكل خاص لدى الإسلاميين مثل قيادي النهضة راشد الغنوشي أنقذهم من المصادمات والاصطفاف الحزبي المقيت بين إسلامي وليبرالي وعلماني، صحيح أن هناك أحزابًا لكن التعامل بين الأحزاب هو المهم لا كما يحدث في بقية العالم العربي من انقضاض بعض الأحزاب على بعضها البعض. إن السؤال الذي طرحته الدكتورة عزيزة المانع في مقالها بعنوان: «لم تنجح تونس فيما فشل فيه غيرها» وهو: هل هذا الاحتفاء الكبير من الإعلام العربي بفوز (الديموقراطية) في تونس هل كان سيحدث لو أن الفائز في الانتخابات كان حزب النهضة وليس حزب نداء تونس؟ وهل كان سينظر إليه على أنه مؤشر على نجاح الديموقراطية في تونس كما هو الحال الآن؟ أم أن الامر كان سيوزن بميزان مختلف؟ لقد كان سؤال الدكتورة في محله، فالعالم العربي خاصة الإعلام العربي بحاجة ماسة لأن يترفع عن الكيل بمكيالين وأن يكون واقعيًا ويقرب الناس من بعضها لا أن يكون دوره سلبيًا ويؤجج فريقًا على فريق، كما أن النقطة الأخرى هو كيف نصل بالشعوب وخاصة المثقفين منهم إلى وعي فكري يرتقي إلى التعامل الإنساني فيما بيننا بعيدًا عن التحزب والتمذهب والتعنصر.