يبتهج الشعر اليوم فرحا بتكريم الشاعرين علي الدميني والدكتور صالح سعيد الزهراني ضمن فعاليات ملتقى الشعر الثاني الذي يقيمه النادي الأدبي في فندق قصر الباحة، وبحضور أمير منطقة الباحة صاحب السمو الملكي الأمير مشاري بن سعود وقال الدميني عن تجربته: أنا وهذا الكائن الخرافي (الشعر)، نبتدئ - على الوجه الأول من الورقة - كصديقين يجتمعان على افتتانهما بالمرأة، وأنا والشعر - على وجهها الآخر - غريمان يقتتلان على الماء، حول الرموز اللانهائية للمرأة! يطلبني حين أسهو عن تأمل ابتسامة زهرة تطل من بين أغصان الحجر، أو طريقٍ تقودنا تعرجاته إلى السماء، أو عن وجوه وأسماء وأمكنة تلمع حتى في ساحات النسيان اليابسة، فلا تشبه إلا نبض قلب طائر صغير يرقص تحت جناحي أمه في العش. وأطلبه حين يثملني العطش من شدة وجدي الحلمي بمباهج الحياة، أو حينما تغدو «هي» وحشا عاريا لا يرتوي إلا من سيول دمي! على حين قلقٍ، يدهشني، ويربكني، ويبدل مواعيد نومي، وأسماء حبيباتي، وعناوين كتبي، ومحابر قلمي، فأتبعه حتى لا أقبض منه إلا على الأنين. وعلى حين غرة، يألفني، ويغويني، ويمشي معي في غرف البيت، وفي الطرقات، وعلى سفوح الجبال، ويركض معي على سيف البحر أو على ضوء سراب الصحارى، حتى يغدو قريني، ولغة شكي في يقيني! أسأله عن اسمه وعنوان بيته، فيضاحك معي علي، ويسألني عن اسمي ووسمي، فأنسى من أنا، ويبقى لامعا – ما بيننا – حد السؤال الذي لا نهاية له! في الطريق إلى بيته، مر كل الشعراء المبدعين، من «شين ئيقي ئونيني» شاعر ملحمة «جلجامش»، حتى أمرئ القيس، والمتنبي والمعري، و«دانتي» و«شكسبير» و«بودلير»، و«بابلو نيرودا» إلى السياب والبردوني وسعدي يوسف ومحمود درويش، ومحمد الماغوط، ومحمد العلي، وفوزية أبو خالد، وسواهم من القامات السامقة. كل واحد منهم ارتشف حصته من غوايات مياه ذلك النهر الأزلي، بيد أنه لا أحد منهم استطاع ان يدلنا على اسم نطلقه على جوهره وصفاته، ولا على مكانه وزمانه ولحظة هبوط وحيه، أو طيرانه إلى السماء.. فارا من شاعره! وأنا كأحدكم، وكواحد من ملايين الشعراء الذين نهلوا من ذلك النهر الخالد، لا أجرؤ على تحديد «ماهية» الشعر الجوهرية، ولا صفاته العرضية، وإن كنت أستطيع ببساطة أن أشير - حسب ذائقتي - إلى ما ليس شعرا، أو إلى كل ما لا يمت بصلة إلى ذلك النهر، لذلك ليس لي، في هذه المناسبة الحميمية حتى ينابيع الشعر، إلا الذهاب إلى الطريق الذي قادني صوب تلك القبس الفاتنة، التي ما فتئت تشع بغموضها البهي في ذاتها، وفيما تعيننا على اقتباسه من آثارها الباقية، في تراث الراحلين، وفي خطى القادمين بلا ريب! فيما عبر أستاذ النقد الأدبي للدراسات العليا في جامعة أم القرى الشاعر الدكتور صالح سعيد الزهراني عن امتنانه لاختيار أدبي الباحة تكريمه ضمن فعاليات ملتقى الشعر الثاني، مثمنا للباحة إنسانا ومكانا ومسؤولين هذه اللفتة التي تعد تكريما للقيمة النبيلة للعمل الإبداعي، مؤملا أن يتبنى النادي الأدبي مشروع جمع كل ما كتب عن الباحة وأدبائها ليكون مرجعا للباحثين والقراء، وأشاد الزهراني بمبدعي الباحة ورموزها واصفا المنطقة بالصغيرة حسا والكبيرة معنى.