×
محافظة المنطقة الشرقية

"غسل الموتى" و"حفر القبور" عقوبتان لـ"عقوق الوالدين"

صورة الخبر

شهد الأسبوع الماضي اندلاع مواجهات عنيفة، وقصف متبادل بقذائف الهاون والدبابات، واشتباكات بالأسلحة الخفيفة، بجبل الزاوية، ومناطق أخرى في ريف إدلب شمال سورية، بين جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة، وجبهة «ثوار سورية» الذي يتزعمها «جمال معروف» أحد أكبر التنظيمات المحسوبة على الجيش الحر، وعلى المعارضة المعتدلة. مواجهات تنذر في حال عدم توقف الفريقين، أو وصول جهود التهدئة إلى طريق مسدود، بنشوب حرب ضروس والانزلاق في دوامة جديدة من العنف والتصعيد الدموي بين الفصائل المسلحة، لم تكن هذه المواجهة بين الطرفين هي الأولى من نوعها، حيث شهد الريف الإدلبي في تموز (يوليو) الماضي موجة من الصراع بين «جبهة النصرة» وجبهة «ثوار سورية»، تمكنت خلالها «النصرة» من السيطرة على مناطق شاسعة على الشريط الحدودي مع تركيا، في إطار سعيها إلى إقامة ما سّمته «دار القضاء»، بديلاً عن فكرة إعلان «الإمارة»، التي وعد زعيمها أبو محمد الجولاني أتباعه بإقامتها، التي لم تجد سبيلاً لتطبيقها، وحينها شبهت جبهة ثوار سورية، على لسان قائدها جمال معروف، جبهة النصرة بتنظيم «داعش»، بسعيها إلى إعلان إمارة في سوريّة، ومماطلتها في الذهاب إلى محكمة مشتركة؛ لفض النزاع القائم مع قواته، وانشغالها عن قتال قوات النظام، والإسراع لمهاجمة مقارّه في المناطق الحدودية مع تركيا»، وهذا ما عمّق الخلاف بين فصيله والجبهة وأنصارها، التي تعتبر بدورها «جمال معروف» مرتداً وعميلاً للغرب الكافر». وقد هدأت الاشتباكات بين الطرفين خلال الشهرين الماضيين؛ لأسباب عدة، ثم عادت وتفجرت من جديد، ونجم عن المواجهات في هذه المرة استيلاء «النصرة» على المزيد من القرى والبلدات التي كانت تخضع لسيطرة تنظيم جبهة ثوار سورية، وأهمها مدينة معرة النعمان، معقل جبهة «ثوار سورية»، واعتقال العديد من قياداتها، وقامت في المقابل، جبهة «ثوّار سورية بالقصف بأكثر من 100 قذيفة هاون بلدة البارة أحد معاقل النصرة بريف إدلب، تبادل الفصيلين الاتهامات وتذرع كل فريق بحجة أو بسبب في وقوع هذا الاقتتال أو من بدأ به، وأصدر كل فصيل بياناً حول هذا الاقتتال، وأياً كانت تلك الأسباب الطارئة في حدوث الاقتتال والصراع بين الفصيلين، إلا أنه لا يمكن النظر إليها بمعزل عن السبب الأساسي في وقوعها الذي تسبب في أولى المواجهات منذ أكثر من شهرين، وهو التنازع بين «جبهة النصرة» و«جبهة ثوار سورية» على مناطق النفوذ في ريف إدلب، ومحاولة كل منهما توسيع حدود سيطرته ونفوذه، فكثير من الناشطين والمعارضين يتهمون جبهة النصرة بالسير على خطى «داعش» عبر تحرير المحرر، إلى جانب السعي لإقامة إمارة للتنظيم في إدلب وريفها، ولو لم يكن ذلك بمسمى الإمارة الذي قد تخشى من تبعاته، وأن ما يجري حالياً ما هو إلا امتداد واستكمال للعمليات التي شرعت بها «النصرة» من قبلُ، فيما يرى مناصرو «جبهة النصرة» أن جبهة ثوار سورية بقيادة جمال معروف «فئة باغية» تتسبب بضرر للمسلمين وبخسارة العديد من المعارك، لذلك فإن «النصرة» وبعد خسارتها بلدة مورك ذات القيمة الإستراتيجية والجغرافية في ريف حماة وسقوطها بالكامل في يد النظام السوري بعد تسعة أشهر من القتال، تسعى الآن إلى توسيع وبسط نفوذها في ريف إدلب، بعد تراجعها في ريف حماه، مستفيدةً من التعاطف الحاصل معها بعد غارات التحالف الدولي وهجومها على مقارّ النظام في مدينة إدلب، فهي لم تكتفِ بصد هجوم جبهة ثوار سورية، بل سيطرت على بلدات وقرى عدة، في ظل معلومات تؤكدها مصادر بارزة في المعارضة بأن «النصرة» «اتخذت قراراً بالسيطرة على المنطقة الخاضعة لنفوذ الجيش السوري الحر» والتهديد باقتحام مسقط رأس جمال معروف قائد جبهة ثوار سورية، وأن ثمة قراراً صادراً في حقه من الجولاني زعيم جبهة النصرة بملاحقته وعدم التساهل معه تحت أي ظرف، وقد رد معروف على ذلك بمقطع فيديو على «يوتيوب»، وهو في منطقة جبل الزاوية بتحدي الجولاني واصفاً إياه «بالخارجي» و«الداعشي» بأن يظهر على حقيقته، ودعاه بأن يتفرغ لقتال النظام السوري وليس لمقاتلتهم ومحاصرتهم. وبسبب خطورة تصاعد وتطور المعارك الدائرة بين الطرفين وما قد ينجم عنها، بادرت فصائل إسلامية وغيرها إلى طرح مبادرة لحل الأزمة بين الطرفين، وقد امتثل الطرفان بوقف إطلاق النار في أرجاء جبل الزاوية في ريف إدلب، إلا أنه وبعد أقل من 24 ساعة عادت وتجددت الاشتباكات، حتى أعلن قائد جبهة ثوار سورية جمال معروف في شريط فيديو مسجل انسحابه من معقله تجنباً لمزيد من الاشتباكات والمعارك مع «جبهة النصرة»؛ للحفاظ على أرواح المدنيين في المنطقة، ولأن «النصرة» امتنعت عن الرد على مبادرة وقف إطلاق النار، و«النصرة» ومن خلال هذه الاشتباكات تؤكد ما أشرت إليه في مقالة سابقة سعيها بشكل جاد لفرض سيطرتها على أراضٍ ومساحات محررة تكون لها وحدها كلمة الفصل فيها؛ من أجل رفع معنويات أنصارها وتعويض انحسار وتراجع حجم نفوذها، وإذا كانت الجبهة تعاني قبل بدء الضربات الجوية من أشهر عدة بتراجع وانحسار حجم نفوذها، هو ما قد ينبئ بحال من الاختلاف مع الفصائل الأخرى غير الشريكة والخاضعة لها في مشروعها. اختلاف سيصل إلى حال من العنف والاقتتال في حال سعي «النصرة» لبسط نفوذها وسيطرتها بالقوة، في إعادة لسيناريو تصادم دولة البغدادي التي فرضت نفسها ومحاكمها بالقوة في المناطق المحررة. * كاتب سعودي. hasansalm@