×
محافظة المنطقة الشرقية

ملتقى عام لمنسوبي الشركة الوطنية لتقنيات التدريب والتعليم

صورة الخبر

قرأت لأحد الروائيين عبارات يقول فيها:«كنت أعتقد أني أعرف كل الإجابات، ثم اعتقدت أني ربما أعرف القليل من الإجابات، أما الآن فأنا لست حتى متأكدا من أنني أفهم الأسئلة، لا أحد يعرف أي شيء» موقف الروائي يتوافق مع العبارة التي تقول «يظل العالم عالما ما طلب العلم فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل». ليس العلم هو المعلومات التي جمعها الإنسان عبر السنين بقدر ماهو فحص مستمر لتلك المعلومات خصوصا في ظل تطور العلم والبحث في كل مجال، وتغير ما كان يعتبر حقيقة في يوم ما. هذا الفحص المستمر هو ما يميز العلم عن الجهل، ولذلك قد تطرأ تغيرات على منظور الشخص وآرائه تجاه القضايا والأحداث والتاريخ والعلوم المختلفة، تغير ناتج عن اطلاع وإعادة نظر، واستجواب لقناعات بهدف التأكد هل هي صائبة أم خاطئة؟ ومع أن التغير من سنن الحياة إلا أن البعض في حالة سكون دائم، بل جمود، يردد أفكارا عفا عليها الزمن، ويتمسك بها وكأنها آيات قرآنية منزلة، وفي الوقت الذي لا يبذل أي جهد في البحث والاطلاع، ويكتفي بفتات المعلومات وما يتناقله الآخرون، يقاوم أي محاولة للتعرف على منظور جديد لمسألة ما، ولذلك يتعاظم جهله! عامل آخر في حياتنا من وجهة نظري يسهم في جمود التفكير، وهو طبيعة المدن التي نعيش فيها التي تركز على التسوق والاستهلاك بكل صوره، ولا تتوفر فيها الفرص الكافية للتفاعل الطبيعي بين الناس، والانخراط في التجارب الحياتية اليومية التي يتعلم منها الإنسان أحيانا أكثر مما يتعلم من الكتب، وعندما يعتاد الفرد على هذا الوضع الراكد تضعف رغبة الاستكشاف عنده، ويتشبث بما اعتاد عليه هو وغيره، ويسلك الطريق نفسه في التفكير وأسلوب الحياة، رغم أن الحياة فيها الكثير من فرص التجديد والتفرد، هذا الوضع يحدث عند البعض حالة من الفراغ يملأه بالهرولة وراء المظاهر والانشغال بالماديات وامتلاك الأشياء، كالسيارة الفارهة، والبيت الفخم، والملابس ذات التصاميم العالمية، والأجهزة الالكترونية، وغيرها، وكأنها هي كل شيء في الحياة، التجديد والتطوير عند هؤلاء في الشكل فقط، لارؤى جديدة، ولا اغتنام لأي حدث أو تجربة لتعلم شيئ مختلف، وهذا ما يجعل معظم الأحاديث في المجالس لا تخرج عن الموضوعات المكررة. إذا كنا نريد تعليما مؤثرا قادرا على إعداد جيل يفكر وينتج، علينا تهيئة بيئة تعليمية تتحدى الطلاب والطالبات في المراحل العليا وتدفعهم للتفكير، وذلك بفتح آفاق المعرفة والتجارب أمامهم، وتعريضهم لوجهات نظر متعددة حول ما يتعلمونه، وتوجيههم إلى النظر بطرق مختلفة إلى العالم عن طريق المناقشات الحرة والبحث في كل الاتجاهات، ولن يتسنى ذلك إلا بوجود المعلم والمعلمة المؤهلين لهذه المهمة.