يسر الله لي عمرة الجمعة الماضية وشاهدت ما هو جار من تعمير حسي ومعنوي في الحرم المكي، رغم ضخامة الأعمال. فانسيابية الحركة للعمار والمصلين سلسة، والخشوع والمرونة متكاملة مع سلطات التنظيم . وفقا لما توفر من معلومات شحيحة عن اعمار الحرمين الشريفين فانه اعتبارا من هذا العام ولمدة 1080 يوما ستجرى توسعة صحن المطاف وتوسعة الحرم المكي من ناحيتي المسفلة وأجياد ، وزيادة أدواره وتشغيل مبنى التكييف المركزي لمشروع وقف الملك عبد العزيز وإنشاء 63 برجا فندقيا في أطراف ساحات الحرم، مواكبة الزيادة في أعداد الحجاج والمعتمرين المنظورة ما بين 10 و20%. وصحن المطاف عندئذ سيستوعب 150 ألف طائف في الساعة أي 3 أضعاف السعة الاستيعابية اليوم مما يعني زيادة المساحة للصلاة لاكثر من مليوني مصل. هذا العمل الجبار هو من أعمال الريادة التي تنافس فيها الحكام/ الولاة الذين تشرفوا بخدمة الحرمين على طول العصور. ولا شك أن كل اعمار وتوسعة مر بهما الحرمان الشريفان هو من سمات التحضر والرقي الانساني في تسهيل أعمال النسك لعباد الله من الحجاج والعمار والمصلين في ظل توالي تصاعد أعداد العباد عاما بعد عام. لقد ساد الامن السياسي والاقتصادي والامان الاجتماعي بلادنا التي تشرف ملكها أن يتلقب بخادم الحرمين فكان هذا مدعاة للمسلمين من كل أرجاء الكون للتنافس في الحصول من بلدانهم على سمة الحج و / أو العمرة فكان في التعمير والتوسعة أبواب خير للبشرية الذين يدينون بالإسلام ولولا مشقة ضيق المكان لكان حجم الأعداد القادمين للحج أكبر مما حدده مؤتمر القمة الاسلامي من سنوات. إن ما يحدث من حركية البناء والتعمير والتسهيل في مكة المكرمة والمدينة المنورة لا ننظر إليه نحن السعوديين انه إنجاز وطني بقدر ما نراه خدمة وتشريفا وتحدثا بنعمة الله إن مكننا أن نكون خدما لعباد الله المستقبلين لقبلة الاسلام ولا نقابل الإنفاق الجم إلا بالدعاء والابتهال إلى الله جل وعلا أن يجزي معمر الحرمين في عصرنا هذا الملك عبد الله خير الجزاء.. لقد صنع الملك أعزه الله قرارات صارمة صادقة فيما كان له صلة بالتوسعة والتعمير في المسعى والمطاف وزيادة أدوار للصلاة وكذا الحال في مسجد رسول الله عليه الصلاة والسلام، لم تكن قرارات الملك سهلة فقد غالب من أراد التعطيل والتأخير للاعمار، ولا عزاء للمعطلين والمثبطين فالبقاء لأعمال الخير والنهوض وسرور الخادم والمخدومين وتوالى الدعاء والابتهالات أن يرحم الله من عمر الحرمين وأن يزيد من حج أو اعتمر أو زاد الحرمين عزة وتشريفا.