×
محافظة القصيم

مدير جوازات منطقة القصيم يصدر قرارات بتعيين عدد من القيادات بالمنطقة

صورة الخبر

رفض مجلس الشورى قبل أيام الوثيقة السكانية المقدمة من اللجنة المختصة، والمعدة أساسًا من وزارة الاقتصاد والتخطيط. وأسباب الرفض بحسب ما نقل في وسائل الإعلام، تمحور حول أهداف الوثيقة الرامية إلى خفض معدل الخصوبة الكلي، من خلال التباعد بين الولادات ضمن الأسرة. وبالرغم من تقديم المبررات لهذا المقترح بأنه يهدف لصحة الأم ورعاية كافية للطفل، وكذلك حسب ما رشح من معلومات، لتخفيف الضغط على الموارد الطبيعيَّة والخدمات، إلا أن تفسير مثل هذا المقترح يعطي تناقضات مع الواقع الحقيقي للاقتصاد المحلي، من حيث الإمكانات الحالية والمستقبلية. فبداية، يجب أن نعود لأرقام النمو السكاني خلال العشر السنوات الماضية، حيث نما عدد السكان المواطنين من عام 2004م إلى عام 2013 بنحو 25 بالمئة، من 16 مليون نسمة إلى 20 مليون نسمة. أما معدل النمو السنوي من عام 2004م، فقد تراجع من 2.4 بالمئة إلى 2.18 بالمئة عام 2013، أيّ أن التراجع بالخصوبة واضح. أما على مستوى نمو عدد الوافدين لذات الفترة، فإنَّ النمو بلغ 50 بالمئة من 6 ملايين إلى أكثر من 9 ملايين. بينما كان النمو السنوي يسجل تراجعًا من 5.8 بالمئة إلى ما يقارب 4 بالمئة خلال نفس الفترة بين 2004م إلى 2013م. أما متوسط النمو السنوي الكلي للمواطنين والوافدين فكان 3.3 بالمئة. ويتضح من خلال هذه الأرقام أن النمو السكاني آتٍ من الاستقدام خلال الفترة التي شهدت إنفاقًا حكوميًّا كبيرًا على مشروعات البنى التحتية، والمرافق الخدميَّة التي وضح خلالها الإفراط باستقدام العمالة الوافدة، خصوصًا لصالح قطاع التشييد، الذي يشكل العاملين فيه 50 بالمئة من حجم العمالة بالقطاع الخاص. وبذلك يتضح أن التأثير في نموِّ الطلب على الخدمات والضغط على الموارد الطبيعيَّة يأتي من نموّ أعداد الوافدين، كونهم أشخاصًا مستقلين من حيث العمر والمتطلبات التي يحتاجونها، بينما نمو المواطنين من مواليد، تبقى احتياجاتهم محدودة جدًا بالموارد والخدمات. أما على الصعيد الاقتصادي، فقد نما الناتج المحلي خلال 15 سنة ماضية من عام 1999م من 609 مليارات ريال إلى أكثر من 2800 مليار حاليًّا. أيّ بأكثر من أربعة أضعاف، بينما ما زال الاقتصاد يمتلك الكثير من الإمكانات غير المستثمرة. فالعديد من القطاعات الاقتصاديَّة لم تنمو بالقدر الكافي، كالصناعة، التي ما زالت محدودة بأثرها، فعدد المصانع بالكاد يقارب 6000 مصنع، بينما القطاع العقاري فجل تعاملاته بتجارة الأراضي، بينما يمكن له أن يكون من أهم القطاعات المؤثِّرة بالناتج المحلي ونمو الوظائف لو تحوَّل لصناعة حقيقية تنتج مساكن ومنتجات عقارية بالقدر المطلوب. أما ارتفاع نمو الطلب على الطاقة الأحفورية، فسببه ضعف دور النقل العام، وتأخر البدء بإنتاج طاقة كهربائية من مصادر بديلة، كالطاقة الشمسية، بخلاف أن القطاع الخاص يحتاج إلى تطوير أساليب التشغيل لديه لتقليص الاعتماد على العمالة عمومًا، من خلال التوسع باستخدام التقنية الحديثة. أما الشق الآخر، من مواكبة النمو بالخدمات والمرافق قياسًا بنمو السكان، فمرد المشكلة يعود إلى تعثر نسبة لافتة من المشروعات لأسباب عديدة، منها عدم التوازن بين الطاقة الاستيعابية للاقتصاد وحجم المشروعات المطروحة للتنفيذ، التي تعد أكبر من القدرات الفعلية لتنفيذها، وقد ركزت خطة التنمية العاشرة بأهدافها على معالجة الطاقة الاستيعابية بتحفيز نموها، وهذا يعني لو تحقق ارتفاعًا في الإنتاج مع التنوع فيه، وفتح أعداد كبيرة من فرص العمل، لأحدث تحوَّلاً كبيرًا إيجابيًّا بالتنمية الاقتصاديَّة تزيد من الدخل للأفراد، وتتطلب نموًّا سكانيًّا يدعم مكتسبات الاقتصاد المحلي مستقبلاً. ولو تطرَّقنا إلى خطط التنمية التي تعدها وزارة الاقتصاد والتخطيط منذ عام 1970 م، فإنَّها ركزت على تنويع مصادر الدخل والإنتاج، ولم تحقق الهدف بالمستوى المأمول إلى الآن، مما يعني أن على الوزارة معالجة الأسباب التي عرقلت أهداف كل الخطط بهذا الجانب قبل التفكير باتجاهات أخرى كخفض الخصوبة كما رشح من الوثيقة السكانية، لأن نمو السكان ليس بالمشكلة أساسًا، فالكثافة السكانية بالمملكة تُعدُّ قليلة قياسًا بالمساحة وتبلغ 15 نسمة في كم المربع بالعدد الكلي للسكان، بينما للسعوديين فتبلغ 10 نسمات لكل كم مربع، وحتى على مستوى المناطق الحضرية المأهولة، فمعدل الكثافة لا أتوقع أن يزيد عن 50 نسمة بكلِّ كم مربع، وهي تُعدُّ نسبة منخفضة. إذا كان الهدف من التنظيم السكاني هو صحة الأم والطفل، فهو أمر لا أعتقد يختلف عليه أحد، ويحتاج إلى توعية مباشرة للأسر، وإن كانت الأرقام تدل على وعي كبير لدى الأسر، حيث يبلغ متوسط عددها 5 أفراد، وهو رقم معقول جدًا. أما إذا كان الهدف هو جوانب تنموية اقتصاديَّة، فالمشكلة ليست عند الأسر، بل في تنفيذ الخطط التنموية، مما يتطلب حل إشكالية التنفيذ لها، لأن النمو السكاني هو مصدر قوة للاقتصاد وللدول عموما، والموارد العامَّة الماليَّة والطبيعيَّة والإمكانات الكامنة بالاقتصاد تستطيع عند استثمارها بكفاءة عالية أن تستوعب أيّ زيادة بالسكان حالية ومستقبلية.