×
محافظة مكة المكرمة

أكاديمية العمل تحسن جودة خدماتها بـ«ارتقاء»

صورة الخبر

نشر مركز أبحاث الدراسات الفلسطينية والاستراتيجية مقالاً تحليلياً بقلم البروفيسور افرايم عنبار، المتخصِص في العلاقات الخارجية الإسرائيلية، يوم 1 نوفمبر الحالي، استعرض فيه انهيار السلام الأميركي في القرن الـ21 في الجزء الشرقي من البحر المتوسط، ومميزات الواقع الاستراتيجي الذي تشكل بعد الانهيار. ويلخص المقال تأثيرات الوضع الجديد على المنطقة، فيما يلي مضمون المقال: على مدار مئات السنين كان البحر المتوسط مركزاً للساحة الدولية، ومع الوقت انتقل ثقل الأحداث للمحيط الأطلسي، وفي الآونة الأخيرة انتقلت الساحة المركزية للمحيط الهادئ، ومع ذلك، فإن الجزء الشرقي لحوض البحر المتوسط، والذي شهد في الماضي نقطة التقاء بين الشرق والغرب وكان إحدى بؤر صراعات القوى العظمى بفترة الحرب الباردة، لا زالت هناك أهمية استيراتيجية له. الجزء الشرقي لحوض البحر المتوسط هو ساحة تبث قوة عسكرية للشرق الأوسط، وتوجد فيه مسارات شرقية–غربية مهمة، مثل طريق الحرير وقناة السويس، وفي الطريق للخليج الفارسي والهند. الحروب الصليبية، ومواقع دينية مهمة على المستوى العالمي، بالإضافة لإشكاليات دولية صعبة مثل الإسلام المتطرف، الإرهاب الدولي، وانتشار السلاح النووي، كل هذا راسٍ في السياسة الإقليمية. هذه المنطقة المتميزة بالتعددية الدينية والعرقية، تشهد صراعات كثيرة. ومع ذلك فإن جميع القيادات السياسية تشعر بالتهديد المتواصل، وجميع اللاعبين في المنطقة يؤمنون أن استخدام القوة هو إمكانية واردة بخياراتهم السياسية. الوحدة الجغرافية المعروفة بالجزء الشرقي لحوض البحر المتوسط موجودة على درجة 20 لخط الاستواء. وتشمل شواطئ اليونان، وتركيا، وسورية، ولبنان وإسرائيل، وغزة التي هي وحدة مستقلة عملياً، ومصر، وليبيا، وجزيرة قبرص حيث إن الجزء الشمالي بيد تركيا. يوجد في المنطقة عنقا زجاجة، البوسفور وقناة السويس التي يمر من خلالها خط التجارة الأوروبي مع الخليج ومع جنوب شرق آسيا. الأهمية الأخرى للجزء الشرقي من حوض البحر المتوسط تنبع من كونه ممرا لنقل الطاقة، يمر من قناة السويس 5% من النفط العالمي و15% من الغاز الطبيعي. وفي تركيا يمر عن طريق مضيق البوسفور 6% من النفط العالمي. إن اكتشاف النفط والغاز في البحر في الجزء الشرقي لحوض البحر المتوسط هو أحد التطورات الواعدة بمجال الطاقة في المنطقة بالسنوات العشر الأخيرة. إلا أن هذه المصادر قد تتسبب بصراعات جديدة في منطقة هي أصلاً قابلة للاشتعال. ومعظم هذه المناطق على تماس مع حدود إسرائيل. وهناك مواقع قريبة من حدود قبرص، وهناك إمكانية لاكتشافات أخرى بالقرب من شواطئ سورية ولبنان وغزة. الكميات التي اكتشفت لا زالت قليلة قياساً مع تلك الموجودة بالخليج الفارسي ولكنها كافية لتؤثر على تطور الدول بشرق البحر المتوسط، والتأثير بقدر معيَّن على مجمل مصادر توفير الطاقة لأوروبا. من ناحية إسرائيل، هناك أهمية كبيرة للاستقلالية في الطاقة وتصدير الغاز، ولكن ذلك بحاجة لضمان عبور حر للتجارة البحرية والدفاع عن منابع الغاز الجديدة. إضافة لذلك فإن 90% من تجارة إسرائيل الخارجية تمر عبر البحر الأبيض المتوسط. بسبب هذه الحقيقة، حرية الحركة في البحر المتوسط فإن حاجتها كبيرة لضمان أرباحها الاقتصادية. عدم الهدوء في العالم العربي أضعف أعداء لإسرائيل، باستثناء إيران، وأدى إلى تحسين الواقع الاستراتيجي، ولكن من جميع النواحي الأخرى تحولت ساحة البحر المتوسط لإشكالية كبيرة، منذ انتهاء الحرب الباردة حظيت المنطقة بالحصانة، ولكن الحصانة لا تدوم. نحن نشهد وجودا روسيا مضاعفا، وأطماعا تركية، واحتمالات متزايدة للإرهاب وصراعات محتملة حول الطاقة، بالمقابل نشهد تبلور خط قبرصي– يوناني - إسرائيلي. انسحاق النظام السياسي على طول شواطئ البحر المتوسط يسمح بصعود قوى إسلامية تعطي الصراع في المنطقة بعداً جديداً هو صراع الحضارات. إن الهندسة الأمنية في منطقة حوض شرق البحر المتوسط قد سقطت كونها كانت تعتمد على الوجود الأميركي الأمر الذي خلق فراغاً لا تستطيع أوروبا قليلة الحيلة ملئه، وبالتالي تقوم روسيا بملء هذا الفراغ، وفي الوقت الذي يزداد فيه الخطر الإسلامي المتطرف، فإن تركيا تبتعد أكثر فأكثر عن الغرب ولديها الخطط والقدرة على تنفيذ هذه الخطط في منطقة حوض شرق البحر المتوسط. ليس من الواضح فيما إذا كانت الولايات المتحدة والغرب يدركون أنهم قد يخسرون شرق حوض البحر المتوسط لروسيا أو للقوى الإسلامية المتطرفة، وهذه السذاجة الأميركية والغربية سيكون لها ثمن كبير في المستقبل. في ظل غيابها وتراجعها بالمنطقة، على الولايات المتحدة بث رسائل واضحة وحازمة لروسيا وتركيا أن الولايات المتحدة لن تسمح بالتعدي على مصالحها في حوض شرق البحر المتوسط، ولكن للأسف ليس من المتوقع أن تنجح الجهود الدبلوماسية في ظل حُكم باراك أوباما الحالي. مصر بعد عهد الإخوان المسلمين دولة مهمة ومؤثره في المنطقة ومن الضروري أن تكون جزءا من الهندسة الأمنية الجديدة وهنا لا بد من سعي الغرب لعدم حصول تقارب من جديد بين مصر وسورية.