بعد أيام قليلة على إعلان النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية التي أدت الى فوز حزب «نداء تونس» العلماني وتراجع حركة «النهضة» الإسلامية الى المرتبة الثانية انطلقت مشاورات سرية بين عدد من «الأحزاب الوسطية» لاختيار مرشح واحد لدعمه في الانتخابات الرئاسية. وكان رئيس المجلس التأسيسي (البرلمان) المنتهية ولايته مصطفى بن جعفر دعا في مؤتمر صحافي «الأحزاب الديموقراطية الاجتماعية» إلى التشاور من اجل الاتفاق على دعم مرشح واحد في الاستحقاق الرئاسي. وأتت هذه الدعوة بعد الخسارة التي مُنيت بها الأحزاب الوسطية في الانتخابات، إذ حصل حزب «التكتل الديموقراطي» (بزعامة بن جعفر) والحزب «الجمهوري» و»التحالف الديموقراطي» على مقعد واحد لكل منهم، فيما لم يتمكّن حزب «المسار الديموقراطي» من ضمان أيّ مقعد في البرلمان. وتُعتبر خسارة هذه الأحزاب، التي عارضت النظام السابق، مفاجأة للرأي العام. وقال بن جعفر، الذي ترشّح للانتخابات الرئاسية إن «الدعوة إلى توافق الأحزاب الديموقراطية الاجتماعية حول مرشح وحيد للرئاسة فرضتها نتائج الانتخابات البرلمانية، للحد من سيطرة حزب واحد على الرئاسات الثلاث»، معتبراً أن الانتقال الديموقراطي في البلاد يستوجب توازناً بين السلطات. وتهدف الدعوة إلى التوافق حول مرشح واحد للأحزاب «الوسطية» في الاستحقاق الرئاسي، وفق مراقبين، إلى قطع الطريق أمام رئيس حزب «نداء تونس» الفائز في الانتخابات الاشتراعية الباجي قائد السبسي، الذي ينطلق بحظوظ وافرة للفوز بالرئاسة. من جهة أخرى، اعتبر زعيم الحزب «الجمهوري» ومرشحه للانتخابات الرئاسيـــة أحـــمد نجيب الشابي في مؤتمر صحافــي عقده أمس، ان «دعوة مصطفى بن جعفر للتوافق حول مرشح واحد يحظى بدعم الأحزاب الوسطية، إيجابية» وأنه سيتفاعل معها، مشيراً إلى أنه سيلتقي مع بن جعفر للتباحث في هذا الشأن. وقال الشابي إن نتائج الانتخابات البرلمانية التي لم تكن في مصلحة الأحزاب الوسطية «جعلته يتمسك أكثر من أي وقت مضى بالترشح للانتخابات الرئاسية» مضيفاً أن الفترة المقبلة لا يجب أن تعيش فيها البلاد في كنف مؤسسات يسيطر عليها حزب واحد. ويعتبر الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي وبن جعفر والشابي من أبرز المرشحين للرئاسة المعنيين بالتوافق، وفق ما أكدته مصادر من داخل أحزابهم. وعُقد لقاء مساء أمس، بين الشابي وبن جعفر للتباحث في هذه المسألة عشية انطلاق الحملة الانتخابية الرئاسية. وفي سياق متصل، تسعى هذه الشخصيات إلى ضمان دعم حركة «النهضة» الإسلامية التي لم تقدم أي مرشح للانتخابات الرئاسية. ويبدو أن «النهضة» التي تمتلك قاعدة انتخابية واسعة رغم خسارتها موقعها الأول في البرلمان، ستدعم أحد هؤلاء المرشحين لتقليص نفوذ خصمها حزب «نداء تونس» الذي يمتلك أكبر كتلة نيابية، إضافة إلى منصب رئيس الوزراء. وينقاش مجلس شورى حركة «النهضة» في الأيام القليلة المقبلة هذا الموضوع، لتحديد موقفه النهائي بخصوص دعم أحد المرشحين الرئاسيين. ويذكر أن عبد الرحيم الزواري وهو أحد وزراء النظام السابق أعلن سحب ترشحه للانتخابات الرئاسية بعد خسارة حزبه «الحركة الدستورية» المحسوب على النظام السابق، في الاستحقاق البرلماني. وتبدأ اليوم حملة الانتخابات الرئاسية التي ستُجرى في 23 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، فيما تُعقد جولتها الثانية قبل نهاية كانون الأول (ديسمبر) لهذا العام، وهي أول انتخابات رئاسية تعددية تشهدها تونس.