×
محافظة مكة المكرمة

موجة باردة على معظم أنحاء المملكة بدءاً من مساء الثلاثاء

صورة الخبر

دخلت حلقة السرد الجزائري من خلال نصها الروائي الموسم الموت المتعفن، كتبت عن العشرية السوداء ورائحة الموت فيها لتنقل للقارئ العربي صورة عن زمن لا تتمنى عودته، لها آراء جريئة عن الربيع العربي وعن جملة من القضايا الثقافية في الجزائر.. وقفت اليمامة معها في هذا الحوار: .عدت في عملك الروائي الأول الصادر عن منشورات الجاحظية إلى مرحلة الإرهاب في تصوير بانورامي لحياة الشيخ رابح؟ لماذا العودة إلى هذه الفترة بالذات التي كنت فيها طفلة؟ أم أن ما سمي بالربيع العربي كان حافزاً لكتابة هذا العمل؟ - في الواقع حلم الكتابة كان يراودني منذ الصغر وأنا في سن الثانية عشرة، كنت دوماً أحاول كتابة قصص قصيرة جداً، وبحكم أننى أعشق الأدب حتى النخاع كان من السهل عليّ تصور أحداث كثيرة، وكثيراً ما كنت أطرح العديد من الأسئلة من؟ وكيف؟ وهل بالإمكان؟، ومن صدف الحياة أنّي وُجدت في مرحلة إرهابية دموية جداً مرحلة كانت ستودي بحياتي في وقت مضى مثلما أودت بأطفال غيري، ومن باب الصدفة أننى كنت أجد نفسي أختلف عن زميلاتى في الدراسة باستمرار أحاول أن أكون في المستوى المطلوب، وعملت على بنائي وجودي في الحياة تحت مصطلح «يا شباب الجزائر كونوا أو لا تكونوا» وهذا بالفعل ما سعيت إليه، كتابة نص ينطلق من مرحلة مهمة من تاريخ الجزائر لم أعش الاستعمار ولكننى أشرت إليه في الرواية، ولكن سلطت الضوء بشكل كبير جداً على الإرهاب والقتل والدم، كما أن الرواية تزامنت والربيع العربي، حيث أمقت هذا المصطلح الذي جاء على الوطن العربي، واستمر ليس كربيعاً وإنما كابوساً حطم أكبر الدول العربية التي نشهد لها بالريادة في جميع الميادين، وقد عملت على أن يكون نصي رؤية لهذا الواقع، ففي وقت سابق الجزائر عانت الإرهاب أو الجهل كما أراه، ومن حسن حظها استدركت الوضع بعد ذلك ولكن الشعوب العربية لم تستفد من أخطاء الجزائر وإنما تركت الأمور تتضخم إلى أن تأخرت لمئات السنين وهذا أكيد من تدبير الضفة الأخرى التي تريد أن تستولي على العالم وتقود الدول الضعيفة ولتجعلها تعيش الفقر واللا أمن وغيره من الأمور التي يعرفها الخاص والعالم. حتى الإرهابي .العناوين فاتحة الكتب ووسمت نصك بالموت المتعفن، كيف اخترت هذا العنوان إذ ربطت الحسي بالمادي فالجثث هي التي تتعفن لا الموت؟ - من الصعب التوقف عند عنوان معين، كثيراً ما وضعت عناوين للرواية ولكن ولا عنوان استهوانى، بخلاف الموت المتعفن ونحن نعلم أن الموت راحة للإنسان ولكن الموضوع الذي تناولته من دم وقتل بغير حق لا يليق به إلا الموت المتعفن. .كروائية شابة على ماذا راهنت في عملك الروائي على الموضوع أم لغة السرد؟ - وضعت كل شيء في العمل الروائي، من مبدأ أنه قبل كل شيء نص إبداعي، يستمتع القارئ بقراءته من خلال الموضوع الذي ننتمي إليه وعايشناه بكل سلبياته، حيث تعمدت على أن أضع القارئ في الواجهة هو الحكم في ذلك، أكيد سيقرأ السهل الممتنع، بلغة واضحة ومفهومة كما أننى تعمدت على وضع اللغة العامية ليقرأ نصي المثقف والإنسان العادي وحتى الإرهابي نفسه أو القاتل الذي كان يزهق دم إخوته في الإسلام زوراً. فأنا كتبت بوفاء وأبحث عن قارئ وفيّ بالجزائر وبالوطن العربي، محاولة في كل هذا التوفيق في العمل لأظفر بمكان بالساحة الثقافية. طمس الهوية .توظيف التاريخ في العمل جاء باهتاً ماذا كانت مرجعيتك في عمل حكيت فيه عن وجع تتقاسمه كل الجزائر؟ - صعب الكتابة عن التاريخ والتطرق إليه، سيما إذا ما تحدثنا عن الثورة التحريرية المجيدة، ولكن لم أشئ الخوض في حيثيات القضية بشكل مباشر ولكن اهتمامي الكبير كان عن الإرهاب، فبرأي من أوجد الإرهاب هو الاستعمار الفرنسي، الذي عمل على طمس الهوية الجزائرية، كما عمل على تدنيس الدين الإسلامي، ولكنه فشل في ذلك وفشلت جميع محاولاته، باءت بالفشل والشلل في حين بقيت بعض الفتاتات التي كان أثرها سلبياً على بلد المليون ونصف مليون شهيد، ظهر شباب جزائري عربي مسلم، يقتل بدافع الإسلام، وهذا خطأ فالإسلام دين معاملة قبل كل شيء، وبالتالي الحديث عن التاريخ أشرت إليه وجسدته في الشيخ رابح، وبعض شيوخ المنطقة الذين حاربوا الاستعمار، فضلاً عن وضعي بعض الأمثال الشعبية والمصطلحات فضلاً عن أناشيد كان يرددها المجاهدون الذين كانوا مصرين على الصعود للجبال لمحاربة الاستعمار الفرنسي. فأنا لست مؤرخة ولكننى أحببت أن أقدم للقارئ كتابة إبداعية محضة، سيما وأنني عرّفت بالولاية التي عاشت الاستعمار والإرهاب كباقي ولايات الوطن وهي جيجل وخصصت بذلك قرية «بني فوغال». بروقراطية النشر .هل عانيت كمبدعة شابة من بروقراطية النشر في الجزائر؟ - أكيد، وللأسف، ولاسيما أن الرواية كانت إبداعي الأول، حيث وجدت جميع الأبواب مغلقة بوجهي، ولكن عائشة قحام لها إرادة قوية وإيمان كبير جداً لأتجاوز المشاكل تلك، وهذا من خلال الصبر والتواضع والممارسة. دور النشر والمشاريع .هل يحتاج الطبع في الجزائر إلى الجرأة أم إلى المال أم إلى الشللية؟ - هناك الكثير من النقاط التي لا بد التطرق إليها، بداية من الطبع بحيت هناك عدد كبير من دور النشر ببلادنا ولكنها شبه مشلولة، لا وجود لقاعدة واضحة تحترم قوانين النشر والتوزيع والإشهار بحيث أي دار نشر تطرق بابها كأول تجربة لك تجدها ترغمك على النفور منها، بحيث لا وجود لحافز يشجع المبدعين كثيراً ما هناك كتابات راقية ولكنها حبيسة الأدراج ومعزولة عن الحقل الثقافي والإبداعي وهذا سببه التهميش، لا أحد يتبنى نصك كإبداع وإنما تجد نفسك مضطراً لنشر العمل بمالك الخاص، وبالتالي برأيي المبدع لا بد من امتلاكه الجرأة والثقة بالنفس لكسر القيود. .كيف ترين الوضع السردي في الجزائر ولمن تقرئين؟ - هناك كتابة إبداعية متميزة بالجزائر، لأقلام تمكنت من تقديم الإبداع والنجاح ولتكملة الحلقة السردية لكتاب سابقين في هذا المجال، فمثلما كتب عبدالحميد بن هدوقة والطاهر وطار مولود فرعون وغيرهم عن الاستعمار وما عانته الجزائر خلال الحقبة الاستعمارية هناك مبدعون كتبوا عن الإرهاب. .ماذا بعد الموت المتعفن؟ - هناك عدة مشاريع على الصعيد الإبداعي، فالموت المتعفن ما تزال تبحث عن مكان وفضاء لها ضمن الحقل الثقافي ليس فقط بالجزائر وإنما بالوطن العربي عموماً، والعالمي من خلال ترجمات لها للغة الفرنسية والإنجليزية والفارسية، لأهمية الموضوع الذي تناولته وبالتالي أنا أبحث عن قراء بمختلف الأعمار ومن مختلف الأجناس والديانات لنوضح صورة الإسلام للعالم، على أننا دين واحد، وشعب واحد لا أحد يفرقنا أمام قول الحق، وللعلم ستكون هناك طباعة ثانية للرواية عن دار النشر المؤسسة الصحفية بالمسيلة، حيث سأكون حاضرة بالمعرض الدولي للكتاب لهذه السنة. من جهة أخرى ستكون هناك إصدارات جديدة لقصص موجهة لفئة الأطفال، كتبتها منذ أزيد من 10 سنوات حين كنت في سن 15، وهذا ما يحفزنا لنشرها لأنني آنذاك كنت أحلم وأكتب بطفولة بريئة كنت أتصور عالمي الخاص قد لا أتمكن من الكتابة للطفل بمثل ذلك القدر والخيال الذي كنت فيه آنذاك، أما حالياً أنا متوقفة عند نص روائي جديد، يتناول في سرده معاناة المرأة بصفة عامة ولا أخفيك أننى أجده مختلفاً ومجهداً أكثر من الموت المتعفن لأننى أكتب بجرأة أكثر.