استنفرت، مؤخراً، هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كوادرها لملاحقة ومصادرة قناع الـ«فانديتا» الشهير الذي يستهوي شباب العالم الرافض وسحبه من الأسواق. وقصة قناع «فانديتا» معروفة ومتداولة، وخاصة بعد أن تحوّل إلى موضة تجتاح العالم. وقد تحوّل إلى سلعة تجارية رائجة وفقد دلالاته الأخرى التي ربما كان البعض يبالغ في تصويرها دون قصد، ليس هنا في المملكة فقط بل في أماكن أخرى أيضاً وخاصة في العالم العربي. معروف أن «كل ممنوع مرغوب»، ولذلك ليس من المستبعد أنّ مصادرة القناع ستؤدي إلى الترويج له! وربما تكون هناك وسائل أخرى أفضل من المنع والمصادرة للقضاء على ظاهرة الـ «فانديتا». ويمكن التصدي لهذه الظاهرة بالتوعية أو حتى التجاهل إلى أن تتلاشى من تلقاء نفسها. وإذا كان الهدف من المنع والمصادرة هو التصدي لمن قد يتستّر بارتداء القناع لارتكاب أعمال تخالف النظام العام دون أن تُعرف هويته، فإنّ هذا قد يكون أمراً صعباً للغاية لأنّ أشهر قناع في مجتمعنا هو «النقاب» الذي منعته بعض المجتمعات، ليس لأسباب دينية وثقافية فقط، بل أحياناً بسبب ما قد يتم ارتكابه من جرائم من الشخص المنقّب الذي لا يمكن تحديد هويته. وليس من المتصوّر أبداً أن يصدر قرار بمنع ارتداء النقاب عندنا حتى ونحن نعلم أنّ بعض المهرّبين يرتدون ملابس نسائية ويضعون النقاب على وجوههم لكي يفلتوا من المراقبة ومن القبض عليهم! أعتقد أننا ننشغل في كثير من الأحيان في ملاحقة أشياء صغيرة ونهدر الكثير من الوقت والمال في متابعتها، بينما أفضل وسيلة للتعامل معها هو تجاهلها بالكامل. ومن ذلك قناع الـ «فانديتا» الذي يمكن لأي مراهق أن يصنعه بنفسه باستخدام أدوات بسيطة تُباع في محلات القرطاسية والمكتبات وحتى البقالات! وأعتقد، أيضاً، أنّ المنع سيؤجّج الطلب على الـ«فانديتا» لأن الذي لم يكن يعرف عنه أي شيء، سيعرف الآن كل المبالغات التي تُضفى على هذا القناع وسيصدقها، بينما هو في الواقع مجرّد قناع مثل أي قناع منذ أن استخدمه أول شخص وهو، طبقاً للروايات، يدعى «جاي فوكس» في عام 1606 في إنجلترا ليرتكب جريمة. alhumaidak@gmail.com ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض **** alawajh@ تويتر