من الصعب أن تقنع من استولى على أمر ما بالقوة ونتيجة لحسابات ضيقة قد تعني غيره أكثر منه أن يجلس على طاولة المفاوضات ليصل إلى وفاق وطني، هذا هو حال الجماعات التي تُمارس التخويف والمداهمات والقتل في منطقتنا، فهي لا تملك القدرة والحريّة للشراكة، وما تحمله ليس أكثر من شعارات دون صدى، لا تطرب إلا في زمن الفوضى فقط، ثم تتلاشى وتسقط عند أول صافرة تطلق للبناء الصادق! * * * الرهانات لا بد أن تتجاوز قاعدة السلم الأهلي، ولا بد لأبناء المنطقة من إدراك أن من يسعون لضرب السلم الأهلي في بلدانهم لحسابات سياسية قد يحققون أهدافهم لكنهم يثخنون جراحا لا تستطب في جسد الوطن، واليمن اليوم نموذج ماثل للعيان حين تسقط هيبة الدولة وتذوب في بحر من البلطجة واستعراض القوة. * * * صورة صادمة تلك التي يتداولها السابحون في فضاء التواصل الالكتروني حول أحد عناصر مليشيات الحوثي يفتش رجل أمن بزيه العسكري!، هذه الصورة تختزل حال عنب اليمن الذي تغنى به الأدباء والشعراء، كما اختزلت صوراً أخرى بلح الشام الذي تحول إلى علقم حين استعرضت مليشيات حزب الله اللبنانية صورها وهي تفتش مواطنين سوريين على أرضهم! * * * ماتت المبادرة الخليجية حول اليمن، وتحولت الأمم المتحدة إلى مفاوض مع مليشيات ترفع شعارات الموت لأمريكا واللعنة على اليهود دون أن تثير هذه العبارات حفيظة أحد!، الراصدون للوضع اليمني يتساءلون عن مبررات مهادنة جماعة تتبجح بمعاداة السامية والعبارات العنصرية والشحن الطائفي، وتحاصر كل مؤسسات الدولة وتفرض أجندتها عليها في وقت تسعى فيه أمريكا إلى محاربة الإرهاب و جماعاته في المنطقة! * * * تنظيم القاعدة في اليمن اليوم يبدو أنه كامن، يتأمل الوضع بابتسامة المتربص، فهكذا وضع يدفعه إلى المزيد من النشاط وحشد الأنصار وتحويل القضية إلى طائفية تبرر جرائمه.. ولأن يكون اليمنيون حينها إلا ضحية السلاح والقوة التي يتباهى بها المتطرفون أمام سيادة الدولة! * * * من السهولة اليوم ملاحظة الضرر مما يحدث في اليمن على العالم أجمع، ومن يتجاهلون الوضع من اليمنيين أولا ومن المجتمع الدولي ككل سيدفعون ثمن الخراب الذي يستشري في كل مكان ويؤسس للفوضى، وسيعلم العالم حينها حقيقة المقولة المأثورة لابد من صنعاء وان طال السفر!... فالمدينة التي زارها الرحالة الألماني هانز هولفريتز وتحدث فيها عن المسجد والكنيس اليهودي ووصفها بالمدينة المقدسة تستعد لتكون قبلة للتطرف والمتطرفين من كل فصيل! * * * لن يتحقق الحل في اليمن إلا بالحكمة اليمانية، واليمنيون هم من سيحمي أقدم عاصمة في التاريخ، وتجاهل المجتمع الدولي لما يحدث في اليمن فرصة لبعث الحكمة اليمانية التي تحتاجها المنطقة في هذه المرحلة، وأنا على يقين أنه إذا سقط رهان الحكمة اليمانية فلن تجدي كل الحلول نفعا، أقول هذا حباً في اليمن وأهله ويقيناً بمستقبله الذي لن يسعد سوى بأبنائه قبل أن يقطع المتطرفون كل الدروب إلى صنعاء وتغلق كل أبواب السفر!