عاشت مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين حالة استنفار إنسانية، بدأت عندما نُشرت صورة لطفل مقيّد بالحبال في «حوش» أحد المنازل، وقال مُلتِقط الصورة إنها من مدينة حفر الباطن، فأنشأ متطوعون أكثر من «وسم» بتويتر، متعاطفين ومطالبين الجهات المتخصصة في سرعة الوصول لمكان الطفل، الموضوع الذي نشرت الشرق تفاصيله أمس- حظي باهتمام رسمي يوازي الاهتمام الشعبي، فسرعان ما وجّه أمير المنطقة الشرقية محافظ حفر الباطن بمتابعة حالة الطفل وتقديم الرعاية له، وفعلاً تم التوصل للمكان ووجد الطفل، وتم التعامل مع القضية حسب النظام، ومع هذا لم تتضح الصورة كاملة حول الموضوع وتداعياته، الأهم لدي كمتابع أن الطفل الآن في آمان وسينال المُسيء جزاءه، اللافت في الموضوع أن هناك من استغل الموضوع الإنساني بطريقة بشعة، كصحفي دأب على تسويق نفسه كإعلامي من خلال نقل أخبار مفتعلة في الموضوع يتكئ على لقب (صحفي) الذي يحمله، ونقل أخبار مسيئة لأشخاص لا علاقة لهم بالقضية، ومع الأسف كان لقب (صحفي) هو ما جعل الآخرين يتعاملون مع ما ينقله بمصداقية، لكنه في اليوم التالي لم يكتب حرفاً بصحيفته عن الأخبار التي كان يروّجها بمواقع التواصل الاجتماعي!. والأسوأ من عمل الصحفي هو ما قام به محمد الشنار، وللأمانة لم أكن أعرف الشخص من قبل وبحثت في (قوقل) عن سيرته الذاتية ولم أجد شيئاً سوى أن الذين يتابعونه على تويتر وعددهم يفوق 69 ألفاً يلقبونه بـ«الشيخ»، ولم أستغرب كثرة متابعيه بعدما أخبرني أحدهم أن الشيخ «معتقل سابق» وهذه وحدها كافية أن يمرر نفسه بطلاً وقاضياً في كل قضية، ففي ذروة الشعور الإنساني المحتدم في قضية الطفل المُعنف يأتي ليشرعن العنف بالتفاف ساذج ويهوّن القضية بطريقة يعتقد أنها ذكية جداً، فتارة يقول: (إثارة مثل هذه القضايا النادرة جداً التي لا يقرها دين ولا عقل كل تأتي تمهيداً لتطبيق مادة في اتفاقية سيداو تنص على نزع الولاية). فهو يُخبرنا بما يجب علينا أن نفعله عندما نرى طفلاً معنّفاً، فعلى الرغم من أن القضايا لا يقرها عقل ولا دين، لكن إثارتها هي لخدمة أعداء الدين!. وفي تغريدة أُخرى -الشيخ أغراه الهاشتاق وترك تخصصه في نقل فتاوى التغريب وتحريم اليوم الوطني (واستغل) كما يقول هذه القضية للتحذير من الخطر المحدق بالأُمة- حيث واصل مستفزاً الأغبياء أمثالي الذين ثاروا لأجل طفل معنّف: (يُضرب طفل أو تهان امرأة فيثور مجتمع بأكلمه وهذا واجب لكن أين هم عن انتهاك الأعراض الذي يحصل بسبب التغريب؟ فلا نكن إمعات يحركنا الإعلام)!. ولأنني أحد الأمعات الذين أثارتهم صورة طفل معنّف أقول هات قضية (انتهاك أعراض) حقيقية وسنثور لأجلها، لكن لا تغضب ويغضب تابعوك إن سخر منكم الأمعات ومن سذاجتكم في تعريف (انتهاك الأعراض)!.