الخطف والقتل والتفجير والدمار والترويع سلوكيات تعارف الناس على تسميتها بالإرهاب، وهو مصطلح فضفاض، وسلوك عالمي مشين، لا وطن له ولا دين ولا هوية، وهو ظاهرة غريبة على المجتمعات الإنسانية، ودخيلة على المجتمع المسلم خاصة، الذي من شرعه التسامح والسلام والحب والوئام وحقن الدماء، ونبذ العنف والظلم والعدوان، وحماية الحرمات. هذا السلوك غير إنساني، يربأ عن ممارسته حتى الحيوان، فضلاً عن كونه ينافي تعاليم الدين وقيم الحق، كما أنه ينم عن اضطراب نفسي وعدم توازن في الشخصية واندفاع بلا هدف ولا هدى ولا غاية ولا بصيرة، بل ربما بلا وعي.. ومن هنا تبدو القرينة الواضحة بين هذا السلوك وأخلاقيات تعاطي المخدرات وإدمانها، ومن ثم ترويجها وتهريبها، وما إلى ذلك من ممارسات مدمرة. إن السلوك الإرهابي الأرعن الذي ينفذه أناس معتوهو الفكر والتوجه وسيئو التربية والمنشأ عاشقو الدمار أعداء للحياة والأمن والاستقرار لا يصدر إلا من أصحاب عقول ملوثة أو مرضى نفوس ـ أجارنا الله وإياكم ـ، ولا يستقيم ذلك أبداً مع النفس الأبية السوية. إن تفجير المباني وتخريب الاقتصاد وإتلاف الممتلكات وسفك الدماء وإزهاق الأرواح البريئة وترويع الآمنين واستهداف المستأمنين لا يمكن أن يقوم به عاقل أو إنسان معتدل أو شخص قويم طبيعي كامل العقلية والوعي والإرادة والأهلية. إذن، هو سلوك وتصرف يتم بفعل المؤثرات الخارجية السلبية.. وما أكثر العوامل التي تقود إلى مثل هذه السلوكيات التي تقف وراءها في الغالب عصابات دولية ومافيا عالمية، هدفها تدمير المجتمعات وصناعة الموت ونسف الاستقرار وتعكير الأمن وكراهية الحياة وخلق القلاقل والفتن والحرابة.. وتشكل المخدرات المحرك الأول لتلك العقول الخربة والنفوس المريضة والشخصيات المرتبكة المعتوهة؛ لأن عصابات المافيا وتجار المخدرات لا يصنعون عباقرة التاريخ، ولا يكرسون دعائم الأمن، ولا يرسخون الأخلاق الحميدة والقيم النبيلة، بل ينتجون المعتوهين وأصحاب التصرفات الشاذة والسلوكيات المدمرة والأفكار الهدامة. إن الكثير من أصحاب الفكر الضال المنحرف بدؤوا حياتهم الشبابية بتعاطي المخدرات والخمور، والغياب عن الوعي، والعيش في عالم الأحلام والأوهام وحياة الزيف والخيالات، ومن ثم يتولد لديهم الحقد على المجتمع وجميع مكوناته ومكتسباته والانتقام من كل شيء رائع وجميل في هذه الحياة. لقد فطنت وزارة الداخلية، ممثلة في أجهزتها الأمنية المختلفة، إلى خطورة المخدرات وخطورة الإرهاب على المجتمع والدولة والإنسانية، ولم يغب عن بالها الارتباط الوثيق بين الخطرين، وكلاهما نتاج فشل دراسي أو سبب في الفشل الدراسي وفشل في الحياة بشكل عام، وسوء تربية وتمرد على قيم المجتمع وثوابته الشرعية وأصوله الإنسانية. وبذلت الأجهزة الأمنية من الجهود المخلصة ما يجسد الوفاء والحب للوطن ولأبنائه، وما يعكس مدى الحرص على تخليص المجتمع من آفة المخدرات وممارسات الإرهابيين.. ويكفي أن السعودية استطاعت تجفيف منابع الإرهاب بصورة لم يسبق لها مثيل في العالم، وقضت على عناصره في وقت وجيز، بأسلوب حضاري رائد، وبأقل الخسائر. وكذلك كان التعامل مع خطر المخدرات بالعزم والحزم ذاتيهما، والضرب على أصحاب الأفكار الضالة ومروعي الآمنين بيد من حديد، حتى تم التخلص منهم؛ وأصبحت السعودية تنعم بالأمن والاستقرار بفضل الله ثم بجهود رجال الأمن الأوفياء وتعاون المواطنين معهم. ولم تنم عين الأمن لحظة؛ فهي تلحظ كل حركة مريبة وكل خطوة متخبطة وكل خائن يريد أن يطعن الوطن من الخلف، أو يؤذي المجتمع حين غرة. وكذلك هي عين ساهرة ترصد الحدود والمنافذ لمنع دخول السموم القاتلة والحد من تهريبها لفك تلازم المخدرات والإرهاب؛ لأن ضرب أحدهما إضعاف للآخر، وارتباطهما يعني توليفة الموت.