نعيش هذه الأيام فرحة الاحتفال بالذكرى السنوية ليومنا الوطني المجيد، هذا اليوم الذي حُفر في ذاكرة العالم والسعوديون بشكل خاص، عندما قيّض الله لهذه البلاد رجلا وحد أطرافها المترامية، ووضع لبنات التأسيس لدولة تعد الآن من أكبر 20 دولة تقود العالم، لينعم أبناؤها بالرفاهية التي نشدها الآباء المؤسسون لهم. إن ما تنعم به بلادنا الحبيبة الآن من مشاريع جبارة على مختلف المستويات، لدليل واضح على أن مسيرة التنمية تمضي قُدما بخطى ثابتة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك المحبوب عبدالله بن العزيز، وولي عهده الأمين الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وسمو النائب الثاني الأمير مقرن بن عبد العزيز، وما سيتحقق نتيجة هذه المشاريع التنموية الضخمة للأجيال المقبلة أضعاف ما سيراه هذا الجيل إن شاء الله، وما علينا سوى أن نتفاعل مع هذه المسيرة التنموية بمزيد من الجهد والإخلاص عملا وقولا، وتسلتزم وقفة صادقة للمضي في هذه المسيرة جنبا إلى جنب مع قيادة أرادت لبلادنا الازدهار والتقدم المستمر. ولا شك في أن ما يتحقق الآن على أرض الواقع في مختلف القطاعات يمثل عتبة لعصب التنمية الأساسي، وهي التنمية البشرية التي تعد الأهم في استراتيجيات المملكة للوصول إلى ما نصبو إليه من تقدم، وتأتي وزارة التعليم العالي أساسا ونبراسا لهذا العمل، وما اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين بالتعليم العالي إلا اهتمام بالإنسان وبنائه، ولذلك كان التوسع الكبير في إنشاء الجامعات التي توزعت في شتى أنحاء المملكة، بل ووصلت إلى المحافظات والمراكز الصغيرة، لتساهم في تنمية هذه الحاضنات المجتمعية الصغيرة، إضافة إلى عملها الأساسي بتقديم مخرجات إنسانية متميزة للعطاء والإبداع فوق تراب هذا الوطن الغالي. ولو أضفنا عدد الطلاب الدارسين في الجامعات السعودية المختلفة (أكثر من 876 ألف طالب وطالبة)، إلى عدد المبتعثين في برنامج خادم الحرمين الشريفين (أكثر من 148 ألف مبتعث ومبتعثة)، لاتضح لنا الرقم الكبير من العقول التي سيكون نتاجها إضافة مميزة لاقتصاد هذه البلاد وتطورها الفكري والثقافي والاجتماعي. إن التعليم العالي في المملكة يجتاز الآن مرحلة مهمة من مراحل تطوره المشهودة وذلك تحقيقاً لرؤية خادم الحرمين الشريفين في إحداث نقلة نوعية وكمية في القطاع وتطويره بكافة مكوناته ونظمه وأشكاله وبرامجه وفقاً لأحدث التوجهات العلمية في التعليم العالي، ولذلك كانت لزاما لهذا القطاع أن يحقق قفزات هائلة خلال العقدين الماضيين، تمثلت في نمو هائل لأعداد الطلبة المستجدين والمقيدين والخريجين وكذلك زيادة أعضاء هيئة التدريس بمعدلات عالية، لتصل في فترة وجيزة إلى المركز الأول في مؤشر "تكافؤ الجنس" البالغ 1.44 (لصالح الطالبات)، وتجاوز المعدل العالمي الذي يبلغ 1.08، ومُعدل دول أوربا الغربية وأمريكا الذي يبلغ 1.33، وهو ما يحسب لسياسات المملكة وقيادتها الرشيدة ولله الحمد والمنة. إن النعم الكثيرة التي أسبغها علينا رب العباد تتطلب الحمد والثناء عليه قبلا وبعدا، والالتزام بالعمل الصادق الدؤوب فعلا وقولا، لتحقيق تطلعات الشعب السعودي وقيادته، وإضاءة الدرب لأجيالنا بتنمية مستدامة تطال أجيالنا المقبلة إن شاء الله. *وكيل جامعة حائل