خرج سعيد من داره لركوب الدراجة الهوائية كعادته في يوم العطلة بعدما سلم على أسرته، سعيد في غاية السعادة بهذه الرياضة التي غيرت حياته التي ستنتهي بعد دقائق بسبب ولدٍ أرعن كان يقود سيارته بجنون ليلحق بمباراة كرة قدم في مقهى مجاور،هذا الحادث وغيره يتكرر بصورة يومية في مختلف مناطق البلاد. كنت قد حصلت على عطلة من العمل لمدة عشرة أيام،ونظراً لرغبتي في قضاء بعض الحوائج المتراكمة..قمت بالمكوث في مدينتي والتنقل منذ الصباح بين الدوائر والوزارات،و بئس ما كانت العطلة ! جرت العادة أن أتنقل في الأيام الاعتيادية مع العمل لمكان أو اثنين،ثم أطير ليومين وهكذا،وكنت أشاهد الزحام من الجو،الا أنني لم أكن أتصور أنه بهذا السوء! الفوضى هي سيدة المشهد والبقاء للأقوى وفي الدوارات للأكبر حجماً! أما السائقون المؤدبون و الكبار في السن فلا مكان لهم هنا. شاهدت منذ فترة مسلسلاً أمريكياً يروي قصة عميل مخابرات أمريكي قام بعدة عمليات قذرة،الا أن ضميره استيقظ وعاد ليخبرهم برغبته في ترك العمل بعدما فقد أعصابه ذات يومٍ في أحد المطاعم وقام بتحطيم فك أحد الجالسين بعد أن استفزه. والحقيقة أنني شعرت بعد قضاء بضعة أيامٍ في شوارعنا أنني أمسيت ذئباً من الذئاب التي حولي ! كانت أول مرة في حياتي أنزل فيها النافذة لشخص استفزني في إشارة المرور وأشير اليه بأن يتبعني إن كان فيه شيء من الرجولة ! و قد روى لي صديق أوروبي يعمل في بلادنا كيف أنه عاد لبلاده في عطلة فانتقده كل من ركب معه لما شاهدوه عليه من تحولات مريبة! كيف وصلنا أنا وهو لهذه المرحلة ! ؟ قد يقول قائل إن بلداناً كثراً حول العالم تعج بالزحام ، الا أنه زحام «منظم» و تطبيق كامل لبروتوكولات القيادة وآدابها. ما أكتبه في السطور السابقة ليس لملء فراغ العمود أو كروتين تعودته،الأمر جد خطير والحوادث تملأ الشوارع ليلاً نهاراً في ازهاق متواصل للأرواح والأنفس. حتى من كانوا من سائقي الشاحنات وعربات الأجرة من غير المواطنين يخشون العقاب سابقاً ، باتوا في جرأة متناهية اليوم ، فهل سقطت هيبة رجال المرور؟