كشف عبدالله بن صالح بن جمعة الرئيس السابق لأرامكو السعودية وكبير الإداريين التنفيذيين فيها، أن سر نجاح ارامكو هو الثقافة العامة التي تحكمها، ولأن خلفيتها مهنية، فإن النظام الذي بنيت عليه يعد أحد أهم أسباب نجاحها وتطورها، مبيناً أن استراتيجية إخراج «المارد من القمقم»، بمعنى إطلاق الطاقة العقلية الجبارة التي وهبها الله للإنسان، هي العلامة الفارقة والإضافة الحقيقية التي أحدثها في الشركة أثناء فترة رئاسته لها. جاء ذلك خلال ورشة العمل السنوية التي تنظمها غرفة الأحساء، وتستضيف أبرز القيادات الإدارية في المملكة لعرض خلاصة تجاربهم الإدارية والعملية، وذلك بقاعة المرجان بفندق انتركونتننتال الأحساء، بحضور الأستاذ صالح العفالق رئيس الغرفة وعدد من المسؤولين ومدراء الدوائر والجهات الحكومية والقطاع الخاص بالأحساء. في بداية الورشة تحدث صالح العفالق رئيس الغرفة مرحباً بالضيف الكبير والحضور الكريم، مبيناً ثراء وتنوع خبراته وتجاربه في المجال الإداري والصناعي والاستشاري بالإضافة إلى مجالات العمل الوطني والمجتمعي والكتابة والإبداع، موضحاً أن خبرات وتجارب الضيف الكريم يجب رصدها وتوثيقها من أجل تسخيرها للمصلحة العامة ودفع عملية التنمية. وأشار العفالق إلى أن عبدالله بن جمعة صنع تجربة علمية وعملية فريدة تتسابق عليها المراكز والمؤسسات محليا ودوليا، للاستفادة منها وعرضها على الجيل الجديد حتى تصبح لهم قدوة في مسيرة حياتهم العلمية والعملية، مبيناً أنه قضى أكثر من 40 عاماً في ارامكو منها نحو 14 عاماً شهدت انطلاقتها لآفاق واسعة في النجاح والتميز. واستعرض جمعة خلال الورشة تجربته الإدارية، مبيناً أن أكبر تحد واجهه عندما تولى رئاسة الشركة وهو أول شخص غير مهندس يرأس ارامكو، كان بناء فريق عمل ذكي ومنسجم وممتاز يضع كل تركيزه وأهدافه نحو أولويات الشركة، وأن يعمل بروح الفريق الواحد، وكذلك استحداث آليات سلسة لتوصيل الافكار من القيادة إلى العاملين في الخطوط الأمامية في الشركة حتى يطبقوها ويؤمنوا بها، مشيراً إلى تطوير نظام متقدم لإدارة الأفكار وتشجيع الموظفين لتقديم المبادرات والأفكار التي يمكن أن تحسن الأداء، أو توضح الأخطاء، وتساعد في العمل بطريقة أكثر كفاءة، أو تقلل النفقات أو تسهم في زيادة الأرباح. وعرض جمعة بعض محطات تجربته الدراسية والعملية، مبيناً أن أول بعثة له كانت إلى محافظة الأحساء، حيث إنه درس خمس سنوات في الخبر، ثم ذهب لدراسة السنة السادسة في الأحساء في القسم الداخلي بالمدرسة الأميرية الأولى، لافتاً إلى أن المدة الزمنية التي كانت تستغرقها السيارة ما بين الخبر والأحساء هي نفس المدة التي تستغرقها رحلة طيران بين الدمام ولندن في دلالة على صعوبة الظروف في ذلك الوقت. وأشار إلى أنه كان يُعد نفسه لكي يصبح أستاذاً في الجامعة، وأن يقوم بتدريس العلوم السياسية، مؤكدا على أهمية التعلم والاطلاع والثقافة في بناء الشخصية والقدرة على استخدام العقل والتفكير ورفع مستوى الوعي، مبيناً أن التعامل مع الإخفاق والفشل ينبغي أن يكون دائماً حاضراً على طريق إدارة النجاح في الأعمال وقيادة الشركات. وتوقف جمعة عند مفاتيح إدارة شركة ارامكو العملاقة، ورصد ملامح التشابه والاختلاف بين إدارة أكبر شركة منتجة للبترول في العالم، وبين أي شركة أخرى، كاشفاً عن آليات اتخاذ القرار في أرامكو، وكيفية مواجهتها للمشكلات التي تعترض عملها، وطبيعة التعامل مع التقلبات في صناعة وتجارة الطاقة وأساليب إدارة الأطياف المتنوعة والمختلفة من الموظفين والعاملين فيها من خبراء وباحثين ومهندسين وموظفين وعمالة، عبر مراحل متعددة لإنتاج النفط والغاز والتكرير والتسويق، مشددا على أهمية الوضوح والمرونة في علاقات العمل. وأشار إلى أن تجربته في أرامكو السعودية كشفت له أن نجاح المؤسسات الكبيرة رهن بوجود نظام إداري قوي وأهداف محددة وواضحة، مبيناً أن الشركة حددت عشر قيم عمل خلال عمرها هي: الامتياز في الأداء، وتطوير العاملين، والعدل والنزاهة، والعمل بروح الفريق، والمحافظة على السلامة، والتجاوب، والحفاظ على الموارد، إضافة إلى الثقة، وتحمل المسئولية، والمواطنة. وقال جمعة: إنه من الصعب عليه فصل تجربته العملية في الشركة، عن تجربته الشخصية، حتى بعد مرحلة رئاسته لها، إذ تظل «أرامكو السعودية» ومستقبلها في عقله وقلبه، متمنياً أن يراها تتقدم في شكل أفضل، مؤكداً أن الطاقات البشرية الحديثة الموجودة فيها تقوم بدورها، وبالتدريب والتطوير ستحقق المزيد من الإنجازات الهائلة في المستقبل، والتي قد لا يمكن تصورها الآن. وفي ختام الورشة جرى تكريم الأستاذ عبدالله بن جمعة بدرع غرفة الأحساء والتقاط الصور التذكارية. يشار إلى أن هذه الورشة تأتي ضمن سلسلة البرامج واللقاءات المفتوحة التي تنظمها غرفة الأحساء مع رموز الإدارة والعمل الحر الناجحين، وذلك لتقديم المساعدة الممكنة إلى المسؤولين ومديري الدوائر الحكومية وجيل الشباب من رجال الأعمال بهدف تعزيز قدراتهم وصقل مواهبهم، وخبراتهم في ميادين العمل وتقوية دورهم ومساهماتهم في إثراء الحركة الاقتصادية والتنموية بالمملكة.