×
محافظة القصيم

17 ألف رخصة بعنيزة خلال عام

صورة الخبر

في رواية «الصهد»، التي تمتد زمنياً ما قبل الحرب العراقية الإيرانية، ولا تنتهي بعد تحرير الكويت، للأديب ناصر الظفيري، يتشظى مفهوم الوطن كحالة انتماء في نبض شخوص الرواية بصورة غير مباشرة، إلا في حالة واحدة، كانت لابن شومان في موقف يعترف به لنفسه عن حديته ويبررها سلوكيا حين يتخلى في ثانية عن عمر من الحب، وهو يدرك أن أثره لن يزول. نقاط تنوير متعددة قد يكون بعضها تنويرا مظلما، تجعل المتلقي يفتش من خلال الحبكة عن تلك الذات الذي يشعر بالتقاطع معها، وخصوصا حين يتشكل الوطن كقيمة فوقية عليا لمفهوم مجرد وواقع للانتماء بعيداً عن الشخوص والعقبات، وحتى الأوراق الرسمية والحدود التي يتعثر بها «إنسان دون جنسية». وكون الرواية تلاعبت بعامل الزمن بشكل ذكي، ولم تمارس النفس التراتبي الزمني المعتاد، اتخذت أسلوبا يترك للقارئ مع كل نهاية فصل. تركت بعض الأسئلة المعلقة على حبل السؤال، لتجف بعد فصل آخر في زمن مغاير ومن وجهة نظر شخص مغاير. ولو تأملنا في حالة الانتماء والوطن لدى شخوص الرواية الفاعلين، لرأينا وطن شومان، على سبيل المثال، هو ما يستوطنه ويتطبع به من خدمة وضيافة وثقة وطيبة بما هو متاح وبقناعة تكفي لأن لا يطلب مقابلا ولا يكذّب وعودا ولا يحتج بتغيير ذلك التعايش مع الفطرة الصحراوية والوجود بالحياة مثلها والموت مع نقائها لو اصطدم بردة فعل حادة مشوهة. أما «أبو الفضل» فيشكِّل الوطن لديه القوة والنفوذ، ولا يمكنه إلا أن يكون كذلك، أن يسكن وأن يقرب وأن يتعاون مع من يستطيع أن يفرض سلطته عليه ويزداد به قوة. وهناك «بو ليلى»، وطنه المحتل المغتصب، ما زال يسكنه في القلب حد التقديس، ويعيش به في أي منفى اختياري أو قسري بعاداته التي مارسها فيه حتى لو كانت سيئة، وحتى لو قادته إلى وجهة مجهولة المصير، وطن ينمو في الذات ويدخن ليسكن الرئة والجوارح ويجب أن يورث. أما وطن «ليال» فكان الحرية مع وضوح الهدف، تلك التي فقدت جزءاً من عذريتها ذات مرة، وتخشى على عذريتها الفكرية من الزوال، فلا تستطيع أن تسمح حتى للحب أن يكون قيداً شكلانياً لها، وإن تملكها. فيما كان وطن «ريما»، الفرصة والتقديرالذي يهبك شخوصه وممثلوه ما يشعرك بقيمتك كإنسان، ولذلك قد تختلف مع من يعد الوطن هو ذلك الذي تهبه ذاتك دون أن تفكر بما يهبك. يقول علي شومان في جزء من الرواية «هي لا تعرف معنى الوطن بداخلي، وتريد قياسه على علاقته بي لا على علاقتي به».