بات المركز السعودي لكفاءة الطاقة «ترمومتر» الاستهلاك المحلي خلال الفترة الراهنة، إذ يسعى هذا المركز المتخصص إلى وقف هدر الطاقة، وتحقيق رسالته الرامية إلى المحافظة على الثروة الوطنية من مصادر الطاقة، بما يعزز التنمية والاقتصاد الوطني، ويحقق أدنى مستويات الاستهلاك الممكنة بالنسبة إلى الناتج الوطني العام والسكان. وفي خطوة جديدة من شأنها الحد من هدر الطاقة، قررت السعودية مؤخرا عدم إيصال التيار الكهربائي إلى المباني الجديدة التي يجري إنشاؤها في البلاد، دون استخدام العزل الحراري، يأتي ذلك في الوقت الذي تسعى فيه المملكة، من خلال مركز كفاءة الطاقة وعدد من الوزارات الحكومية، إلى التقليل من معدلات استهلاك الطاقة محليا. ومن المتوقع أن تسهم جهود مركز كفاءة الطاقة السعودي إلى خفض معدلات هدر الطاقة في البلاد بما نسبته 30 إلى 50 في المائة خلال السنوات الـ10 المقبلة، وهي الجهود التي تتزامن معها تحركات حكومية كبرى، من شأنها تعزيز معدلات خفض استهلاك الطاقة، بعد أن بلغت أرقاما كبيرة للغاية. وفي هذا الخصوص أكد الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز، مساعد وزير البترول والثروة المعدنية، نائب رئيس اللجنة الإدارية لمركز كفاءة الطاقة، الأربعاء الماضي، أهمية دور وسائل الإعلام في الإسهام في تنمية وعي المواطنين ومالكي العقارات بأهمية العزل الحراري للمباني، مؤكدا - في الوقت ذاته - أنه لن يتم إيصال التيار الكهربائي إلى المباني الجديدة التي يتم إنشاؤها دون استخدام العزل الحراري. وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي افتتح فيه الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبد العزيز، وزير الشؤون البلدية والقروية، الثلاثاء الماضي، أعمال أول منتدى ومعرض من نوعه في المملكة عن العزل الحراري في المباني، الذي ينظمه المركز السعودي لكفاءة الطاقة بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية، وذلك في مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض. وخلال هذا المعرض، قال الأمير عبد العزيز بن سلمان، مساعد وزير البترول والثروة المعدنية لشؤون البترول، رئيس اللجنة الفرعية لإعداد البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة: «شهدت المملكة خلال العقود الماضية نموا اقتصاديا وصناعيا لافتا، تطلب المزيد من الاستهلاك المحلي للطاقة، إلا أن هذا الاستهلاك المتسارع كشف عن عدم الكفاءة في استهلاك الطاقة، ما أدى إلى هدرها، حيث من المتوقع استمرار نمو هذا الاستهلاك بمعدل يتراوح بين 4 و5 في المائة سنويا، حتى عام 2030، ما لم تُتخذ إجراءات حيال تغيير الأنماط الحالية لاستهلاك الطاقة». وأضاف الأمير عبد العزيز: «من هنا جاء إنشاء المركز السعودي لكفاءة الطاقة معبرا عن اهتمام الدولة بإيجاد حلول عملية لمواجهة هدر الطاقة، وتصدّر قائمة مهام المركز وضع برنامج وطني لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة والخطط اللازمة لذلك، بالتنسيق مع الجهات الحكومية وغير الحكومية، على ألا يؤثر ذلك في استمرار النمو الاقتصادي والصناعي للمملكة، وعلى المستوى المعيشي للمواطن ورفاهيته». وأوضح الأمير عبد العزيز حينها أن البرنامج الوطني قام بدراسة وضع استهلاك الطاقة في المملكة، وتم تحديد قطاعات المباني، والنقل البري، والصناعة، كأهم قنوات الهدر الرئيسية لاستهلاكها مجتمعة، بأكثر من 90 في المائة من استهلاك الطاقة في المملكة، كما تم تحديد استهلاك قطاع المباني من إجمالي الطاقة الكهربائية المنتجة في المملكة بأكثر من 75 في المائة، وبمعدل نمو سنوي يصل إلى نحو 7 في المائة، مبينا أن ذلك يعزى إلى سببين رئيسيين: الأول انخفاض كفاءة استهلاك الطاقة في الأجهزة الكهربائية المستخدمة، والثاني: افتقار أغلب المباني إلى العزل الحراري، لذا تم إعداد مجموعة برامج فرعية ضمن البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة لترشيد استهلاك الكهرباء في المباني. وبيّن الأمير عبد العزيز أنه «نظرا لمساهمة العزل الحراري في خفض استهلاك الطاقة بالمباني بنسبة تتراوح بين 30 و40 في المائة، فقد عمل البرنامج على تسريع تنفيذ الأمر السامي الصادر عام 2010، بتطبيق العزل الحراري بشكل إلزامي على جميع المباني الجديدة، عبر تحديث المواصفات القياسية لمواد العزل الحراري». وبالإضافة إلى هذه التطورات، أكد المهندس أحمد الخويطر، المسؤول الأعلى للتكنولوجيا في «أرامكو السعودية» حينها، على أهمية تطبيق جميع الأنظمة التي تعزز جهود خفض استهلاك الطاقة ورفع كفاءتها، بما في ذلك تطبيق الضوابط والاشتراطات الهندسية في المباني والتجهيزات الكهربائية. وأشار المهندس الخويطر بمناسبة عقد فعاليات منتدى ومعرض العزل الحراري في المباني، إلى أن «أرامكو» أطلقت عددا من المبادرات للاهتمام بقضايا كفاءة استهلاك الطاقة وتنويع إمداداتها، حيث قال: «هناك أنشطة تجريها (أرامكو السعودية) تحت مظلة البرنامج الوطني لكفاءة الطاقة، الذي يشرف عليه المركز السعودي لكفاءة الطاقة، للتشجيع على رفع كفاءة استهلاك الطاقة في المملكة، خصوصا في قطاعات النقل والإسكان والصناعة والمشاركة في رسم الأطر والضوابط التنظيمية لمجالات التأثير على استهلاك الطاقة». وأوضح الخويطر أن مشاركة «أرامكو» في المنتدى تأتي تأكيدا لاهتمامها برفع كفاءة استهلاك الطاقة في المملكة، وسعيها نحو تنفيذ استراتيجية طاقة وطنية أكبر توازنا واستدامة، منوها بأن «أرامكو السعودية» طورت حلولا اقتصادية مبتكرة وممارسات فاعلة في مجال إدارة الموارد، حيث استطاعت من خلال مبادرة «القيادة بالقدوة» تحديد فرص تحقيق خفض لا يقل عن 35 في المائة في استهلاك الطاقة، من خلال تدابير رفع كفاءة استهلاك الطاقة في وسائل النقل، وفي المساكن، والمباني الجديدة والقائمة. وقال الخويطر: «إن أنظمة العزل الحراري في المباني تمثل واحدة من أهم الممارسات التي تسهم في خفض الهدر في استهلاك الطاقة الكهربائية بقطاع المباني بشكل كبير، بالإضافة إلى دورها في المحافظة على درجة حرارة معتدلة داخل المباني، الأمر الذي من شأنه تقليل فترات تشغيل واستخدام أجهزة التكييف والتدفئة على حد سواء. كما تسهم أنظمة العزل الحراري أيضا في إطالة عمر المباني واستدامتها لفترات طويلة، وكذلك إطالة العمر الافتراضي لأجهزة التكييف». يشار إلى أن منتدى ومعرض العزل الحراري في المباني الذي نظمه المركز السعودي لكفاءة الطاقة، استعرض ضمن أعماله التجارب الدولية في العزل الحراري، والعزل الحراري في المباني (أنواعه وفوائده)، إذ ناقشت إحدى جلساته التي عقدت بمركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض التجارب الدولية في العزل الحراري بالمباني، قدمها المهندس وين ريدي، عضو الجمعية الأميركية لمهندسي التدفئة والتبريد والتكييف. وعرّف ريدي التجربة الأميركية في العزل الحراري بالمباني، والخبرات المتراكمة لدى الجمعية، مركّزا في ورقة العمل ذاتها على قيمة العزل الحراري، وأهميتها في تطبيقات العزل، بالإضافة إلى التعريف بأنواع العزل، واستخداماتها، والفروق بينها، والتوجه العالمي الحديث في عزل المباني حراريا. واستعرض المهندس ريدي بالصور أمثلة عالمية في العزل الحراري، وأساليب اختيار واختبار مواد العزل والعوامل الخارجية المؤثرة جودة قيم العزل الحراري، بينما تضمنت جلسة العمل الثانية ورقة عمل بعنوان «العزل الحراري.. فوائده وأنواعه»، قدمها المهندس محمد حسين في شركة «أرامكو السعودية». واستعرض المهندس حسين الطرق الشائعة والحديثة لتطبيق العزل الحراري، وأشكال الخرسانة المعزولة، وتحديد موقع العزل الحراري في المبنى، والمواصفات الفنية للعزل الحراري، بالإضافة إلى استعراض نماذج مبانٍ معزولة حراريا، وأخرى غير معزولة، والفروق بينها، والفوائد التي تتحقق من تطبيق عزل جيد للمباني بشكل عام.