صحيفة المرصد : لقد نجحت المملكة العربية السعودية من الناحية الاستراتيجية في تفكيك التحالف شبه الموضوعي في المنطقة الذي كان يتشكل من إيران وتركيا وإسرائيل، على حساب الدول العربية كلها، حيث ظلت هذه الدول الثلاث تحديدا منذ نهاية الحرب الباردة عام 1989 تتصارع على احتكار الحرب والسلم في الشرق الأوسط. 1 - نزعت سلاح إيران الذي ظلت تزايد عليه وتستخدمه في المساومة والضغط على الغرب منذ الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 وحتى اليوم، من أن السنة يرعون الإرهاب ويصدرونه إلى العالم وليس الشيعة . وكشفت المملكة للجميع أن إيران على عكس ما هو معروف لم تحارب داعش أو الإرهاب قط، وإنما هي تدافع عن مصالحها الخاصّة، حتى لو تعارضت مع مصالح الجميع وفي مقدمتهم الولايات المتّحدة. 2 - أماطت السعودية اللثام عن الممولين الحقيقيين للإرهاب والداعمين له في الشرق الأوسط، سواء كانوا عربا أم غير عرب، دولا أم أفرادا .. وهو ما أربك بعض القوى الإقليمية التي تورطت وما زالت - في دعم الجماعات الإرهابية حتى كتابة هذه السطور. 3 - إعلان الحرب على الإرهاب أدى إلى مواجهة من نوع آخر، بين الرياض وأنقرة ( والدوحة) .. فمن ناحية أصبح حزب العمال الكردستاني الذي كان يعتبر بنظر واشنطن والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، مدعوما من العالم أجمع خاصة الولايات المتحدة وقوات التحالف في مواجهة داعش، ناهيك عن جبهة النصرة وأخواتها في سوريا التي ظلت تلقى الدعم من تركيا وقطر وبعض الدول الأوروبية! 4 - وبحسب صحيفة مكة كشفت السعودية للعالم مدى قوة ونفوذ القوى الإقليمية الأخرى في المنطقة، وأثبتت أنها الوحيدة القادرة على لعب الدور المحوري في الشرق الأوسط والأقصى معا، من المغرب وحتى حدود الصين مرورا بباكستان وأفغانستان. وعلى سبيل المثال، حين شرعت أفغانستان في لملمة جراحها وجسدها المنهك من الحروب والأطماع، لم تختار أيا من الدول الكبرى: الولايات المتحدة، والصين، وروسيا، أو حتى الهند وباكستان واليابان وإيران، وإنما لجأت إلى السعودية لطلب النصيحة والدعم لتحقيق السلام، وإذا كانت أفغانستان توصف بأنها مقبرة الإمبراطوريات على امتداد التاريخ، فإن المملكة العربية السعودية حسب وصف الأفغان هي الدولة الوحيدة القادرة على مصالحة كل الفرقاء، وهي العمود الفقري للسياسة الخارجية الأفغانية بإجماع كل الأطراف على تباينها. 5 - على الرغم من أن السعودية هي أكبر الدول النفطية في المنطقة، فإنها تكاد تكون الدولة الوحيدة التي لم تدخل في أي صراع إقليمي، بل على العكس دفعت أثمانا باهظة من رصيدها وما زالت - لتحقيق الاستقرار والسلام ووأد الصراعات في مهدها. تاريخيا كان النفط (تحت الأرض) يحرك البر والبحر والجو من خلال الأزمات الاقتصادية، ففي العقود الأربعة الماضية تسببت اضطرابات الشرق الأوسط في الركود الاقتصادي العالمي ثلاث مرات: حرب أكتوبر 1973، والثورة الإيرانية عام 1979، وغزو العراق للكويت عام 1990، ناهيك عن أن أسعار النفط لعبت دورا جوهريا في الأزمة المالية العالمية في صيف عام 2008 ، حيث بلغ سعر برميل البترول 148 دولارا ، وهو ما مثل ضربة موجعة للاقتصاد العالمي الضعيف والمبتلى بالصدمات المالية، حسب تعبير البروفيسور نوريل روبيني.