دعونا نوجه أنظارنا شرقا إلى الكويت حيث بدأ مؤتمر لوزراء التربية والتعليم في دول مجلس التعاون الخليجي هدفه الأساسي كما أعلن حماية النشء من التطرف والأفكار الدخيلة وتعزيز الانتماء الوطني، لنسأل هل بالإمكان تحقيق هذا الهدف بمجرد إصدار توصيات في نهاية المؤتمر تتفرق مسؤولية تنفيذها بين أجهزة عديدة ومؤسسات مختلفة لا تمثل وزارات التربية سوى جزء منها، وهل في هذه المرحلة بالذات يكفي مثل هذا التوجه والإجراءات التي ستتمخض عنه أم أننا بحاجة إلى إجراءات إضافية سريعة لإطفاء بؤر النار التي تحترق فيها مشاعر الوطنية وتنضج عليها انتماءات التطرف والانحياز إلى فكر التنكر للأوطان وإلغائها والعمل على هدمها. الحقيقة أن عقد مؤتمرات على هذا المستوى ومن أجل هذا الغرض يمثل ظاهرة غريبة خاصة بالمجتمع الخليجي، فليس من المألوف أن نسمع في دول أخرى شرقية أو غربية عن استنفار رسمي وشعبي لترسيخ مشاعر الوطنية وحمايتها من الذوبان كما يحدث لدينا، وحتى في الدول العربية الأخرى رغم ما حدث فيها من خلخلة للبنية الوطنية في السنوات الأخيرة لم يتكثف لديها شعور الخوف بالانفصام عن الوطن لدى شرائح المجتمع المختلفة. هذه المشكلة تتجلى بشكل كبير ومزعج لدينا كدول خليجية أكثر من غيرنا، لسبب مفهوم هو أن بذور المشكلة زرعت في أرضنا وتمت رعايتها على مدى زمن طويل حتى أثمرت الشوك والحنظل أمام أعيننا، وبعد كل ذلك نتصرف الآن وكأننا فوجئنا بما لا نتوقعه، رغم أنه نتيجة طبيعية وحتمية. وفي كل الأحوال لا بد أن نبارك خطوة وزراء التربية والتعليم، الذين يعرفون جيدا أن تطبيق توصيات ونتائج مثل هذا المؤتمر لن يتم بسهولة لأن من سوف يحاولون إفشالها مندسون في كثير من مفاصل التعليم والتربية وغيرها من المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، وبدون تطهير المجتمع من هذه النماذج الضارة سنظل واقفين في المربع الأول، وسندفع ثمنا أفدح مما دفعناه.