×
محافظة الرياض

«ثقافية المجمعة» تدشِّن فعالياتها بـ «التاريخ غير المدون».. وأمسية وطنية في الخرج

صورة الخبر

كانت صادمة، مستفزة، ومكتظة بالفوقية، كلمات رئيس اتحاد القوى الأمير نواف بن محمد عندما استضافته قناة «العربية» للتعليق على تقرير تلفزيون جاء فيه توثيق لتدني مستوى معيشة وحياة العداء السعودي الذهبي يوسف المسرحي، وأول كلمات الأمير كانت جملة استفهامية تهكمية (من صنعه بطلاً؟)، وكأن المسرحي بكل عذاباته وإنجازاته دمية. يا أيها الأمير، كان يوسف يتدرب حافي القدمين في دياره «أحد المسارحة» بجوار بيت شعبي يسكنه مع أسرته، ولا يمتلك سيارة، ثم جاء بمداليات الذهب، ولم يتغير في حياته السابقة إلا حيازته حذاءً من ماركة عالمية، بينما بيته الشعبي وأسرته تعتمد على راتب شهري أقل من ثلاثة آلاف ريال من عمله عسكرياً تم تفريغه لخدمة وطنه رياضياً. أرفع شماغي والعقال تقديراً للقيادات العسكرية الحاضنة ليوسف المسرحي؛ لأنها منحت يوسف للوطن، وتحملت كلفة راتبه الشهري، وعلى رغم بساطة الراتب وضاءلته فإن ديمومة التأمين الصحي تمنحه النوم مبتسماً مطمئناً على صحة أسرته البالغ عدها ١٦ فرداً، ثم إن راتب التقاعد قد يكون حسنة إضافية بعد تقادم العمر؟ أكرر امتناني لقيادات القوات المسلحة، ولاسيما جهة عمل المسرحي. أعود للأمير نواف، حديثه بصفته مسؤولاً كان خالياً من الروح الرياضية، مكتظاً بلغة «المن»، فالله والناس لا يحبون المنان، ثم إنه «تمنن» على اللاعب براتب تمنحه جهة عسكرية، ولم يستطع سرد حسنة واحد لاتحاد ألعاب القوى ذات نفع أو تأثير إيجابي على أسرة العداء أو شخصه، عدا معسكرات تدريبه. استخدم الأمير نواف في كلامه لغة قديمة كانت شائعة لدى أصحاب المراكز القيادية في القطاع الخاص قبل العام، تنتمي إلى فئة «احمد ربك انك شغال معنا»، ولا ألومه؛ لأن الجلوس طويلاً على كراسي قيادية يمنح الأنفس نزعة لاستعباد الإدارة والموظفين والمصالح، ولاسيما عندما يكون المدير أميراً. قتلني الأمير أثناء حديثه؛ لأننا كشعب لا نرى الأجيال الشابة من الأسرة المالكة إلا من خلال نوافذ قليلة، كالمتاحة حالياً لنواف، قتلني؛ لأنه «حسسني» بأن اتحاد ألعاب القوى أحد أملاكه الخاصة، وأن يوسف مجرد سيقان طويلة ضائعة في الساحل الغربي لولا عبقرية (أبو محمد) الإدارية وقدرته على تحويل جندي إلى بطل عالمي. كان محمد دماس رائعاً ومبدعاً أثناء إعداده تقريراً تلفزيونياً عن يوسف المسرحي، فترك كاميرا برنامج في المرمى «تثرثر» بوشاية كبيرة عن حياة صغيرة لنجم كبير، بل حياة بتفاصيل معيشية حقيرة عاشها هذا البطل من يوم ولادته، وربما تستمر إلى يوم وفاته طالما الاتحاد السعودي لألعاب القوى يعتقد بأن أبطاله مطالبين بالركوع والتهليل على نعمة انضمامهم إليه. تكشف كلمات الأمير نواف بن محمد عن وجود خلل روحاني، نفساني وعقلي في جسد اتحاد ألعاب القوى، وعن ضياع ركيزة رياضية مهمة، فالمعادلة الوطنية تتجاوز مبدأ «الكرسي الوثير للأمير»، وتحتاج إلى جواب غير ما قاله نواف، وعمل غير ما فعله. نحتاج الآن إلى حملة تفتيش في الحديقة الخلفية لاتحاد ألعاب القوى، الموازنات، الرعايات، أسلوب الإدارة، والبحث عن سرعة انطفاء نجومنا (سعد شداد؟ مثلاً!)، فإذا كان الاتحاد يحتاج إلى عوناً أعنّاه، أو إلى إنقاذ أنقذناه. jeddah9000@