يعد البنك الأهلي التجاري في السعودية أحد أقدم المصارف العاملة في البلاد، إلا أنه على النقيض يعد الأحدث في السوق المالية السعودية، حيث يعد البنك ذا مساهمة مغلقة، قبل أن يتم أول من أمس طرح جزء من أسهمه للاكتتاب العام أمام المواطنين السعوديين. وحتى ساعة متأخرة من مساء أمس الاثنين، بلغ عدد المكتتبين في أسهم البنك الأهلي التجاري، الذي يعد الاكتتاب الثاني عالميا هذا العام من حيث ضخامة رأس المال، نحو 166 ألف مكتتب، إذ أعلن المستشاران الماليان ومديرا اكتتاب البنك الأهلي التجاري، جي أي بي كابيتال وإتش إس بي سي العربية السعودية، أنه تمت تغطية الاكتتاب في أسهم البنك الأهلي التجاري المطروحة للاكتتاب بما نسبته 6.1 في المائة، من اكتتاب الأفراد بنهاية اليوم الثاني، وقد بلغ عدد المكتتبين 166 ألف مكتتب، فيما بلغت الأموال المحصلة 824 مليون ريال (219.7 مليون دولار). وأمام ذلك، يعتبر القطاع المصرفي السعودي أمام فرصة حقيقية لتحقيق مزيد من الربحية خلال المرحلة المقبلة، وما يعزز هذه التوقعات، هو تحسن النتائج المالية لعدد من البنوك المدرجة أسهمها في السوق المالية السعودية خلال الربع الثالث من العام الجاري، رغم تأزم الأوضاع الجيوسياسة بالمنطقة. وفي هذا السياق، يعد البنك الأهلي التجاري الذي تم تأسيسه عام 1953 بموجب مرسوم ملكي، أحد أعرق البنوك السعودية على مر التاريخ، وفي عام 1999، دخلت الحكومة السعودية ممثلة في صندوق الاستثمارات العامة التابع لوزارة المالية مساهمة بأغلبية ملكية البنك. ويمتلك البنك الأهلي التجاري ما نسبته 90.71 في المائة من أسهم شركة الأهلي المالية الشركة الرائدة في المصرفية الاستثمارية، كما يمتلك البنك الأهلي 66.27 في المائة في بنك تركي فاينانس كاتليم بانكاسي، وهو البنك الرائد في قطاع المصرفية الإسلامية في تركيا، فيما بلغ عدد عملاء البنك الأهلي التجاري أكثر من 3.5 مليون عميل بنهاية العام المالي 2013. وبلغ ربح سهم البنك الأهلي التجاري بنهاية العام المالي 2013، 5.25 ريال، أي ما يعادل 1.40 دولار، وهي مستويات ربحية من المتوقع أن تقترب كثيرا من مستويات الربحية المحققة خلال العام الجاري 2014. وسط أداء مالي مقنع لكثير من البنوك السعودية، رغم تأزم الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة. وتعليقا على هذه التطورات، أكد فيصل العقاب، الخبير الاقتصادي والمالي لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن ضخامة حجم رأس المال المراد الاكتتاب به في البنك الأهلي التجاري، دفع بعض السيولة النقدية للخروج من سوق الأسهم المحلية للاكتتاب العام في أسهم البنك. وأشار العقاب إلى أنه بالمقارنة بين سعر اكتتاب البنك الأهلي التجاري المحدد بـ45 ريالا للسهم الواحد (12 دولارا)، ومستوى ربحية السهم المتوقع خلال عام 2015. والبالغ 5 ريالات (1.3 دولار)، فإن مكرر ربحية السهم عند سعر الاكتتاب يبلغ 9 ريالات، وهو أدنى مكرر ربحية في سوق الأسهم السعودية على الإطلاق. وقد أغلقت سوق الأسهم السعودية أمس الاثنين على ارتفاعات مجزية، حيث حقق مؤشر السوق ارتفاعا تبلغ نسبته 1.09 في المائة، ليغلق بذلك المؤشر العام عند مستويات 9882 نقطة، مقتربا بذلك من ملامسة حاجز 10 آلاف نقطة مجددا، وقد جاء ذلك بدعم ملحوظ من أسهم قطاعي البنوك والبتروكيماويات، بعد صدور بيانات مالية مشجعة لهذين القطاعين. وأمام ذلك، بدأ السعوديون الأفراد أول من أمس ضخ ما سوف يصل إلى 13.5 مليار ريال (3.6 مليار دولار) للاكتتاب في 300 مليون سهم من أسهم البنك الأهلي التجاري، بسعر 45 ريالا للسهم الواحد (12 دولارا)، ليكون بذلك هذا الاكتتاب أضخم طرح عام في تاريخ السوق المالية السعودية منذ إنشائها. وتقف السوق المالية السعودية خلال الفترة الحالية على أعتاب خطوات تاريخية للغاية خلال الفترة الحالية، تتمثل في طرح جزء من أسهم البنك الأهلي التجاري للاكتتاب العام، وقرب السماح للمؤسسات المالية الأجنبية بالشراء والبيع في السوق المالية المحلية، وقرب دخول مؤشر السوق المحلية في البلاد، ضمن مؤشرات مورغان ستانلي للأسواق الناشئة. وبالإضافة إلى ذلك، قال منصور الميمان، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي التجاري، الأسبوع الماضي: «إن طرح أسهم البنك يستمد أهميته من أهمية القطاع المصرفي في المملكة، حيث إنه من أكثر القطاعات نموا، كما يمتلك البنك الأهلي التجاري خططا استراتيجية للأعوام المقبلة تتميز بوضوحها وعمقها». وأضاف الميمان: «البنك الأهلي بنك رائد في تقديم الخدمات المالية المتميزة، ويأتي الاكتتاب في البنك الأهلي التجاري، وهو أكبر طرح أولي تشهده السوق السعودية، كخطوة مهمة يستكمل بها إدراج كافة البنوك السعودية المحلية الـ12 المدرجة في سوق الأسهم السعودية». ومن المنتظر أن تلعب تلك الخطوة المهمة دورا مهما ومؤثرا في الاقتصاد الوطني، وتعزز ثقة المتعاملين في سوق الأسهم السعودية، حيث سيتيح ذلك أيضا فرصا استثمارية إضافية للمواطنين السعوديين، ويضيف عمقا استراتيجيا لسوق الأسهم، بما يمثله من إضافة قوية للقطاع المصرفي والاقتصاد المحلي بوجه عام.