يستهويني المرء، الذي لا يشبع. ينتقل من نجاح إلى آخر بنفس النهم. يعمل بكل جد ومثابرة ليبقى في القمة متعطشا للمزيد. يقول تود باكولز: "تعلمت أن النجاح لا يحالف إلا الجوعى والمتواضعين والمرنين". إن الجوع يدعونا إلى البحث عمّا يسد رمقنا وجوعنا. يجعلنا نمضي متسلحين بدوافع كبيرة. تعرفت قبل أعوام على شاب سعودي يعمل لحاما في ورشة في الخبر براتب بسيط. تقدم لقريبته للزواج منها ورفضته، لأنه لا يحمل مؤهلا علميا ويعمل في وظيفة متدنية بمقاييسها. كانت ظروفه العملية الصعبة ومستقبله الذي يلفه الغموض في مجتمع يقيّم الإنسان على قشوره وملابسه مقلقا. كان ناقما من وضعه وجائعا للنجاح. قبل شهور فقط أثناء اجتماع في الغرفة التجارية في المنطقة الشرقية ناداني شاب بعد الاجتماع مباشرة وسألني إذا كنت عرفته. أجبته بدبلوماسية: أكيد، لكن نسيت اسمك. هل تذكرني به؟ أجابني: أنا اللحام الذي التقيتك قبل سنوات. تذكرته جيدا هذه المرة. قلت له، "طمني عليك". فرد أنه بخير وأفضل من السابق بكثير. بعد أن عمل لحاما لست سنوات أصبح اليوم يملك ورشة خاصة به يعمل بها عدة موظفين ودخله أكثر من جيد ويعمل على التوسع. تزوج سعود المطيري 32 عاما من نفس ابنة عمه التي رفضته سابقا. يعشق عمله. خبرته العملية فيه جعلته قادرا على تطوير عمله ومراقبة جودة الموظفين الذين يعملون لديه. سألته: كيف استطعت أن تفتتح مشروعا خاصا. إجابته كانت مقتضبة جدا. قال لي: "الجوع للنجاح". يشير إلى أنه لو لم يكن يعاني في حياته لما تعطش لهذا النجاح ويغامر في العمل الخاص. فسعود بعد أن كان موظفا صغيرا صار هو من يوظف الآخرين ويوجههم. لم يستكن. يعمل على التوسع وافتتاح ورشة أخرى قريبا في الجبيل. بعد أن كان ينظر له الناس بدونية صاروا ينظرون له باحترام. تأكد أن ذاكرة الناس قصيرة ولا تتذكر إلا النهايات. فأنت من يرسم هذه النهاية بمثابرتك وعطائك. وحدهم الجوعى الذين يملكون الرغبة في الاقتناء. نهمهم يدفعهم إلى الالتهام والفوز بلا كلل.