صدق الشاعر الأمير محمد الأحمد السديري حين يقول في بيتين عظيمي البلاغة والإيجاز من قصيدة له خالدة: يقضب عليك المخطية من حججها حلو نباه وقلبه أسود من الصاج الله خلق دنيا وساع فججها وعن ما يريب القلب لك كم منهاج وهذا الوصف يذكر تماما بحال فئام من الناس شنشنة معروفة تحاول على الدوام تشويه صورة بلادي المملكة العربية السعودية ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً ، تباينت دوافعهم وانتماءاتهم واتفقوا في غايتهم وأهدافهم؛ فهم كالذباب لا يقع إلا على الجرح يحاولون - زعموا - تشويه النجاحات والتقليل من المنجزات ولا يزيد هذا ولله الحمد بلادي إلا عطاءً وإنجازاً وحلماً فهي بحكمة قادتها على مر العصور بحمد الله لا تعبأ بأمثال هؤلاء ممن لا خلاق لهم تسير بخطى واثقة ومسيرة متصاعدة إلى ذرى المجد، ألا وإن من أجلِّ مفاخر العز والشرف لبلادي هو خدمتها للحرمين الشريفين وقاصديهما من ضيوف الرحمن على مدار العام حجاجاً وعماراً وهو فخرٌ وشرف عظيم يشترك فيه أهل المملكة العربية السعودية جميعها بحمد الله كلٌ حسب موقعه منهم ويأتي في الطلعية قائد هذه البلاد وإمامها الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله- الذي ارتضى لنفسه أن يتخلى عن ألقاب الجلالة والعظمة ليكون خادماً للحرمين الشريفين..! نهجه في ذلك نهج أخيه وسلفه الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله- الذي أعلن ذلك في أول سني حكمه - رحمه الله-، فيا لها من أمانة ويا له من شرف.. فإلى كل من في قلبه مرضٌ نقول: (موتوا بغيظكم إن الله عليمٌ بذات الصدور) وستستمر المملكة العربية السعودية بفضلٍ وتوفيقٍ من الله وحده حائزة على شرف خدمة الحجيج والحرمين الشريفين، باذلة الجهود الضخمة الهائلة والطاقات الجبارة والأموال الطائلة لتسخر في خدمة ضيوف الرحمن منفقة الغالي والنفيس في سبيل ذلك وقد حققت بحمد الله في مواسم متوالية نجاحات تستحق الإشادة. ولا يمكن لعاقل أن يقول إن النجاح يعني عدم وجود الخطأ أو الخلل أو سوء التخطيط أو التنفيذ لبعض التفاصيل فإن الخطأ طبيعة العمل البشري غير المعصوم وما فتئ قادتنا - حفظ الله الحي ورحم الميت - يقررون ذلك بفعلهم وقولهم مرحبين بكل نقد بناء يعالج الخطأ ويجوّد الأداء في الحج وفي غيره من مناحي وشؤون الدولة؛ إلا أن الممقوت والمرفوض هو تصيّد الزلات وتضخيمها بغرض التشويه والإساءة أو التأليب؛ فيا من هو: حلو نباه وقلبه أسود من الصاج لو كنت صادقاً فيما تدعي فلك: عن ما يريب القلب لك كم منهاج وبإمكانك إيصال جميع أوجه القصور التي تراها للجهة ذات العلاقة بدلاً من الجعجعة غير البريئة والشعارات البالية التي تدعمها وتتبناها مع شديد الأسف أحياناً دولٌ أو منظمات أو أفراد مخدوعون. لاحقق الله لهم غاية (رب اجعل هذا البلد آمناً وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله...). "أما قبل": فإن لدي أملاً كبيراً في أن تنظر الدولة - وفقها الله- في تكريم هذه الحشود من شباب الوطن الذين شرفونا ويشرفوننا كل عام بجهدهم ويتحقق على أيديهم بعد توفيق الله نجاح موسم الحج وعلى رأس هؤلاء يأتي طلبة الكليات الأمنية وأفراد قوى الأمن في وزارة الداخلية بقطاعتها كافة أو الدفاع والحرس الوطني وشباب الكشافة وغيرهم من القطاعات في وزارة الصحة؛ وكذا أفراد الحرس الملكي فلجهدهم التحية والإجلال والتقدير وكثير وكثير من الدعاء؛ إذ ينتشرون في كل شبر من أرض المسجد الحرام والمسجد النبوي والمشاعر المقدسة حافظين - بعد حفظ الله- للأمن والصحة ومرشدين للتائه وموجهين للحشود وخادمين للضعيف والمريض وذي الحاجة تحت لهيب الشمس الحارقة أو في عتمة الليل الطويل فحُق لنا أن نفخر بهذه الوجوه الشابة المتوضئة المصلية راجية ثواب الله في تقديم الخدمة بكل أدب ورحمة، لذا فإني أرجو الله أن يجزيهم أعظم الجزاء وأوفاه وأن يحرسهم بعينه التي لا تنام وأن يبارك لهم في أنفسهم وأهليهم وأموالهم، وأكرر أملي ودعوتي بتكريمهم بأي سبيل من سبل التكريم (وأخص الرتب الدنيا من العسكريين أو المدنيين) وإلا فللجميع بلا استثناء جهد مشرف ولله الحمد. وهم ثروة الوطن الحقيقية التي يفاخر بها. ولتبقى بلادي شامخة بعزة وإباء إن ربي لطيف لما يشاء..!