مثلما رأينا فقد انهارت سوق الأسهم بعد عطلة العيد فتراجعت يوم الأحد الماضي 706 نقاط. بالفعل فإن التوقعات كانت تشير بأن السوق سوف تتفاعل مع المؤثرات السلبية المتراكمة. فتراجع أسعار النفط والأجواء الجيوسياسية المتوترة وقرب طرح أسهم البنك الأهلي كلها طبعاً عوامل تؤثر على الأسواق المالية الحساسة. فتعالوا معاً نناقش تلك الافتراضات. بالفعل فإن تجمع العوامل المشار إليها يعتبر من الأمور غير المشجعة بالتأكيد، بل ومثبطه لأي نشاط اقتصادي. ولكن تلك العوامل، إذا استثنينا منها اكتتاب البنك الأهلي، أمور لا تخص المملكة وحدها ولا البلدان المنتجة للنفط دون غيرهم. فالتكهرب الجيوسياسي شبح يحوم ليس في منطقة الشرق الأوسط فقط وإنما في أوروبا وأمريكا وآسيا. كما أن هبوط أسعار النفط، مهما بدأ أنه أمر يعني البلدان المصدرة للذهب الأسود، فإن مؤثراته تشمل كافة بلدان العالم، وعلى وجه الخصوص البلدان الصناعية التي تربطها بالبلدان المصدرة للنفط علاقات تجارية قوية. فتراجع مداخيل هذه الأخيرة سوف يعني أو بالأصح يفترض أن يعني تقلص وارداتها من البضائع والخدمات من البلدان المصدرة لها. فما نخسره جراء تراجع عائدات النفط تفقده البلدان المصدرة لنا جراء انخفاض مشترياتنا منها. وهكذا فإذا استثنينا السوق الروسية الواقعة في بؤرة تلك المؤثرات فإن الأسواق المالية في بقية القارات تتعرض للضغوط السابق ذكرها أكثر منا. ورغم ذلك فنحن لم نشهد انهيار مؤشرات الأسهم هناك. ففي يوم الأحد الماضي هبطت سوق الأسهم السعودية بنسبة 6,5% تقريباً. بينما لم تتراجع مؤشرات الأسهم في بلدان أوروبا، أمريكا وآسيا إلا بنسبة أقصاها في اليابان عندما هوى نيكاي بنسبة 2,4%. أما بقية المؤشرات العالمية فقد تراجعت بنسب أقل. فمؤشر داو جونز هبط بنسبة 1,35% والناسداك 1,4%. وفي أوروبا كان التراجع أقل فمؤشر الفايننشال تايمز انخفض بنسبة 0,1% فقط والكاك الفرنسي 0,7% والداكس الألماني 0,6%. فهذا الفرق الشاسع بين تراجع مؤشر سوقنا والأسهم في بقية أنحاء العالم يعني من ضمن ما يعني أن العاملين المشار إليهما لا يمكنهما تفسير انهيار سوق الاسهم السعودية. وتجد الإشارة هنا إلى أن تراجع أسعار النفط وتردى الأوضاع جيوسياسية لن تنتهي اليوم ولا غداً. فنحن على ما يبدو سوف نتعايش مع أخبارها ليس فقط على المدى القريب وإنما المتوسط أيضاً وتصريحات الرئيس الأمريكي بخصوص الحرب هي خير دليل على ذلك. ولذا فإذا كان تراجع الأسهم السعودية مرتبط بهذين العاملين فإن هبوطها سوف يتواصل على المدى المتوسط. وهذا يخالف معظم التوقعات بتعافي السوق خلال هذا العام والعام القادم. إذاً فقد عدنا إلى المربع الأول للبحث عن أسباب كارثة يوم الأحد الماضي. أن التقصي عن المبررات يقودنا للبحث عن المستفيدين. فمن هم الكاسبين يا ترى مما جرى غير هوامير السوق الذين أضافوا إلى أرصدتهم البنكية في يوم واحد ملايين الريالات. فإذا كان هذا الاستنتاج صحيحاً فهذا يعني أن السوق سوف تعاود مسيرتها الصاعدة خلال الفترة القادمة. ولكن هذا يطرح سؤال كبير على هيئة السوق المالية التي وأن عملت الكثير فإن أمامها مشواراً طويل لقطع دابر التلاعب والمقامرين.