"ينبغي أن تحقق نسبة معينة من الالتزام المروري وسلامة القيادة لتحصل على تخفيضات في عقد التأمين المقبل"، تلك عبارة لا يمكن أن تسمعها في أي من مكاتب شركات التأمين التي تطبق على الجميع قاعدة واحدة بغض النظر عن التزامهم بالنظام وخلو سجلهم من المخالفات المرورية. تستخدم هذه العبارة في أغلب دول العالم، لأسباب كثيرة. لكن الأغلب هو مصلحة شركة التأمين نفسها، فالاعتماد على سجل المؤمِّن المروري يسمح بوضع مجموعة الأشخاص غير الملتزمين الذين يحصلون على مخالفات مرورية في قائمة المخاطر، التي يتم التعامل معها بحسب نسبة الخطورة التي يمثلها قائد المركبة. هي أيضا إسهام من هذه الشركات في حماية المجتمع من مخاطر القيادة المتهورة، فالشخص عندما يعلم أن مخالفاته ستؤدي إلى زيادة تكلفة التأمين على مركبته، سيكون أكثر حذرا والتزاما؛ وهو أمر مردوده على المجتمع ككل. ثم تأتي قضية أخرى لدينا وهي المبالغة في تسعير التأمين على المركبات سواء التأمين الشامل أو ضد الغير، فالمواطن يدفع في بعض الأحيان مبالغ قد تصل إلى نصف قيمة المركبة خصوصاً في حالة المركبات القديمة، وتلك يستخدمها أصلا الأشخاص الأقل دخلا. يسمح النظام للشركات بالتسعير حسب رغبتها، ويلزم المواطن بالتأمين برغم تكلفته العالية لأنه لن يحصل على خدمات للمركبة دون تأمين. قامت إحدى الجهات الحكومية بالتنسيق للحصول على تخفيضات تأمينية لمنسوبيها تصل في بعض الأحيان إلى 60 في المائة من قيمة التأمين ضد الغير. هنا أطالب الجميع بأن يعملوا على تطبيق مثل هذه التخفيضات لمنسوبيهم ومحاولة مكافحة موجة الغلاء التي تتمكن من سوق التأمين. تبقى قضايا مهمة مقلقة للجهات التي تمول شراء السيارات، فهي تدفع مبالغ كبيرة قيمة للتأمين بسبب ارتفاع نسبة الحوادث والإصابات في السيارات التي يتم تقسيطها. يتطلب هذا الأمر أن تكون هناك منظومة متكاملة للتعامل مع المقترضين حسب السن والسجل المروري. إن قرار التأمين على كل سيارة باعتبارها مشروع حادث أو إصابات هو ما يمكن أن أسميه "التأمين التشاؤمي"، ولا ينهي مثل هذا التفكير سوى أن يقيَّم كل متقدم لطلب التأمين بناء على معايير واضحة تضمن أن يكون هناك تمييز علمي يحفظ حقوق الملتزمين بالأنظمة.