دائماً ما نوجه اللوم في وسائل الإعلام إلى محبي كرة القدم السعودية على أنهم جمهور أندية وليسوا جماهير منتخب، الأحداث تؤكد صحة التهمة وآخرها كانت مباراة لبنان الودية، لكننا قبل أن نوجه اللوم إلى الجماهير لم نتناول الأسباب أو نبحثها بشكل موضوعي، صحيح أن الأمر طويل ومعقد وربما يحتاج إلى تدخل الرئاسة العامة لرعاية الشباب في جانب الدراسة كجهة مسؤولة عن الشباب، لكن لا يمكننا أن نواجه أية مشكلة قبل أن نبحث عن أسبابها، فعلى رغم وجود الكثير من الأكاديميين في الوسط الرياضي وأيضاً في رعاية الشباب، إلا أن البحوث والدراسات لا تزال مغيبة، وفي كل القضايا نلامس القشور ونتجاهل الجذور، وهذا الأمر ليس في الرياضة فقط بل يمتد إلى غالبية القطاعات الأخرى. التعصب للأندية لا يقتصر على المدرج السعودي بل موجود في غالبية البلدان، لكن هذا لا يعني أنها تسير بالاتجاه الصحيح، فلم يغب عن ذهني نهائي أبطال أوروبا 2011 الذي جمع مانشستر يونايتد ببرشلونة على إستاد ويمبلي في لندن، إذ تفاجأت يومها بأن 80 في المئة من المدرج وقف يؤازر الفريق الضيف، ربما كرهاً في المضيف أو إعجاباً في برشلونة ونجومه، لا أدري ما السبب بالتحديد، لكن ما حدث رسم علامات استفهام عدة في ذهني. هناك سؤالان قد يتفرع منهما العديد من الأسئلة للنقاش، السؤال الأول: لماذا يتمنى عدد لا يستهان به من المشجعين السعوديين خسارة المنتخب؟ أما السؤال الثاني: فكيف يمكن لمن يعنيه الأمر أن يسهم في مواجهة هذه الظاهرة؟ ليس من حقي أن أجيب عن الجمهور، لكن هذا لا يمنع أن أعطي بعض الانطباعات الشخصية التي استنتجتها من خلال عملي في الإعلام الرياضي، أو مخالطتي لكثير من محبي كرة القدم، هناك شعور شائع لدى جماهير الكرة أن مبدأ المساواة في قرارات اللجان واختيار قائمة المنتخب غائب، الكل يعتقد أن ناديه مظلوم، والحقيقة أن هناك أخطاء ضخمت، سواء في القرارات أم تشكيلة المنتخب، فلا يمكننا أن ننكر أن هناك تدخلات في اختيار التشكيلة، بعضها تحول إلى حدث تاريخي يؤرخ من خلاله، فمثلاً استبعد لاعبون لأنهم فقط ليسوا على وفاق مع مسؤول ما، وانضم آخرون لأنهم محبوبون من المسؤول نفسه أو مسؤول آخر، وهذه الأحداث ثبتت من خلال اعترافات جاءت متأخرة، كانت في السابق إشاعات لكنها تحولت إلى حقائق. عندما يسود مثل هذا الشعور من الطبيعي أن يتشكل نوع من الحنق على اتحاد الكرة وعلى المنتخب، هنا أصبح الأخضر في عيون الجماهير منتخب المسؤول وليس منتخبهم، الجانب الآخر قد يقول قائل إن التعصب للأندية يولد كرهاً للمنتخب، وهنا أعتقد أن هذا الأمر مقدور عليه في ظل تحرير انتقالات اللاعبين، أي أن انتقال اللاعب من ناد إلى آخر يخفف من هذه المسألة، فالفريدي كان محبوب الهلاليين ثم الاتحاديين واليوم يلعب للنصر، لذا لن يجد تعصباً كبيراً له أو ضده، لأنه لم يربط اسمه بناد واحد فقط، مثال آخر: حسين عبدالغني هتفت له جماهير جدة الأهلاوية في مباراة الأوروغواي تقديراً لتاريخه مع النادي الجداوي. كيف تتم المواجهة مع هذه الظاهرة، نحتاج إلى أكثر من مقالة للوصول إلى إجابات، لكن الإجابات ربما تتركز على حضور مبدأ المساواة، تشجيع احتراف اللاعب السعودي خارجياً وداخلياً لكي لا ترتبط الأسماء بالأندية، وقبل ذلك كله تحضير منتخب مبهر ومنتصر، يحفز المحبين على الحضور والتشجيع، ويجبر المتعصبين على التزام الصمت! Musalli9@yahoo.com