لندن: مصطفى سري اعترف رئيس دولة جنوب السودان سلفا كير ميارديت بأن مسؤولين سابقين في حكومته قاموا بعمليات نهب خيالي لأموال الدولة التي استقلت قبل عامين وأرهقوا كاهلها في الفترة الماضية، معتبرا أن ذلك كان من أسباب تغييره لحكومته السابقة في يوليو (تموز) الماضي، معلنا في ذات الوقت سعي بلاده للحصول على التزام قوي وعلى نحو عاجل من المجتمع الدولي للمساعدة في التوصل إلى حل نهائي في منطقة أبيي المتنازع عليها بين بلاده وحكومة السودان. وقال كير في لقاء مع مواطني غرب بحر الغزال في مدينة واو عاصمة الولاية خلال جولته لعدد من الولايات إن زملاءه في الحكومة السابقة أرهقوا كاهل الدولة التي استقلت قبل عامين من خلال نهب خيالي لأموالها عبر الفساد، وأضاف أن ذلك استدعى تدخله وأجرى تغييرا شاملا بإعفاء الحكومة في يوليو (تموز) الماضي، بدءا من نائبه السابق رياك مشار وكل الوزراء ونوابهم، مشيرا إلى أن الفساد كان واحدا من أسباب تغييره للحكومة إلى جانب سوء الإدارة وتجديد الدماء إضافة إلى تقليص حجم حكومته تماشيا مع سياسة التقشف التي أعلنتها الدولة، مشددا على ضرورة محاربة الفساد وكشف المتورطين وتقديمهم إلى العدالة بغية اجتثاث الفساد نهائيا. وكان كير قد رفع الحصانة عن وزيري المالية كوستي مانيبي ومجلس الوزراء دينق الور قبل إعفائهما بشكل نهائي وإحالتهما إلى لجنة تحقيق والتي أنهت أعمالها الشهر الماضي للاشتباه بأنهما قاما بتحويل مبلغ (8) ملايين دولار خارج البلاد. من جهة أخرى قال كير إن بلاده تسعى للحصول على تنسيق والتزام قوي من المجتمع الدولي للمساعدة في التغلب على الأوضاع في منطقة أبيي المتنازع عليها، مشددا على ضرورة إعطاء تشكيل مفوضية الاستفتاء الأولوية، داعيا أبناء قبيلة «دينكا نقوك» للعودة إلى أبيي ومواصلة العمل في التحضيرات اللازمة استعدادا لإجراء الاستفتاء، في وقت نظمت فيه اللجنة القومية لدعم استفتاء أبيي مظاهرة سلمية في جوبا قدمت من خلالها مذكرة تدعو فيها الأمم المتحدة لتحديد موعد قاطع لإجراء الاستفتاء في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وأشار كير في لقاء آخر مع مواطني في بلدة ماقبل في ولاية غرب بحر الغزال التي يزورها هذه الأيام إلى أنه يسعى إلى علاقة أخوية ومتينة مع دولة السودان التي استقل منها قبل عامين عبر استفتاء لشعب جنوب السودان وفق اتفاقية السلام الشامل في عام 2005 بين الخرطوم ومتمردي الحركة الشعبية السابقين، وأضاف أن جنوب السودان شهد تدرجا في تحسين الاتصالات مع الخرطوم إلى جانب الاتصالات الهاتفية بينه وبين الرئيس السوداني عمر البشير، وقال «لكن هناك قضايا لم نتوصل إلى حل حولها رغم تطور العلاقات بيننا وعلى رأسها منطقة أبيي». وقال كير إن أولوية حكومته هي تشكيل مفوضية الاستفتاء في أبيي في حين أن الخرطوم تتمسك بتأسيس المؤسسات المدنية، مشددا على أن قضية أبيي أصبحت واحدة من أهم القضايا التي تعمل فيها حكومته لكي تتوصل إلى حل نهائي، وأضاف «نريد أن ننهي هذه الخلافات سلميا عبر إجراء الاستفتاء بذات الروح التي أجرينا بها استفتاء جنوب السودان قبل عامين ولا نريد الحرب»، مجددا دعوته إلى أبناء أبيي من قبيلة «دينكا نقوك» للعودة إلى المنطقة لتجهيز أنفسهم استعدادا لإجراء الاستفتاء ريثما تقوم حكومته بجهودها مع الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي بالضغط على الخرطوم لكي توافق على إجراء الاستفتاء، وتابع «نريد من المجتمع الدولي أن يظهر وعلى وجه السرعة الالتزام القوي وتنسيق الجهود للضغط على الخرطوم لكي توافق على إجراء الاستفتاء». إلى ذلك طالب الآلاف من شعب جنوب السودان في مظاهرة نظمتها اللجنة القومية لدعم استفتاء أبيي في جوبا أمس ومناطق أخرى من البلاد بإجراء الاستفتاء في أكتوبر المقبل، وقد أعادت إلى الأذهان الفترة التي سبقت إجراء الاستفتاء لتقرير مصير جنوب السودان قبل عامين والذي صوت الجنوبيون فيه بنسبة تصل إلى (98%) لاستقلال بلادهم الذي نالوه في يوليو (تموز) عام 2011. وحذر الجنوبيون في مذكرة تقدموا بها إلى بعثة الأمم المتحدة وبصورة إلى سفارات الولايات المتحدة، بريطانيا، الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي من تداعيات رفض الخرطوم إجراء الاستفتاء في موعده وأنه سيجر البلدين إلى حرب شاملة. وقال مسؤول الإعلام في اللجنة القومية لدعم استفتاء أبيي اتيم سايمون لـ«الشرق الأوسط» إن كافة القوى السياسية في جنوب السودان أكدت على ضرورة إجراء الاستفتاء في موعده في الشهر المقبل، وأضاف أن الأحزاب السياسية المشاركة في الحكومة والمعارضة لها شددت على أن استفتاء أبيي قضية قومية لا تعبر عن حزب حاكم أو جماعة إثنية معينة.