لم يجتمع العالم على فكرة واحدة في الحرب على الإرهاب كما اجتمع اليوم على ضرورة الشروع في عملية برية ضد تنظيم «داعش» الإرهابي الذي أساء للإسلام وشوه صورة المجتمع العربي بممارساته الإرهابية، حيث بدأت الضربات الجوية من خلال تحالف عالمي للقضاء على هذه الظاهرة الإرهابية. الأمريكيون سياسيون وعسكريون، من البيت الأبيض إلى قلعة البنتاغون، باتوا على قناعة تامة وكاملة بضرورة العمل البري الميداني لوقف تمدد «داعش»، إن في كوباني تلك المدينة الكردية العربية، أو منعا لسقوط بغداد عاصمة دولة العراق الموحد مع استمرار الضربات الجوية. اجتماع واشنطن للقيادات العسكرية في الائتلاف الدولي، وفي قراءة لمقرراته وللمباحثات التي شهدها، لا بد أن يكون اجتماعا مفصليا في مسار الصراع ما بين المجتمع الدولي من جهة والإرهاب المتمثل بـ«داعش» وما يقف خلفها من جهة ثانية. فأهمية هذا الاجتماع تكمن أولا في مكان انعقاده أي واشنطن، وثانيا في مضمون القضايا التي تم التباحث بها عبر الشخصيات العسكرية المشاركة. فهذا الاجتماع يشكل أولا وأخيرا رسالة إلى الإدارة الأمريكية مفادها أن ساعة الحقيقة قد دقت، فالعالم أمام تحد كبير يمثل تهديدا مباشرا للاستقرار الدولي وتهديدا مباشرا لكل المصالح الدولية ومن بينها مصالح الولايات المتحدة الأمريكية. المسار المطلوب للأيام المقبلة رسمته الوقائع ولغة المنطق التي باتت واضحة على تصريحات المشاركين في اجتماع واشنطن. وهذا المسار يبدأ بالتأكيد على أن القضاء على الإرهاب يستوجب القضاء على تنظيم «داعش» بالتلازم مع تنفيذ ورقة جنيف 1 أي رحيل بشار الأسد وتشكيل حكومة سورية انتقالية تشرف على إعادة الاستقرار والسلام والعدالة لسوريا وشعبها. لقد حقق الائتلاف الدولي رغم اختصار عمله حتى الآن على الغارات الجوية إنجازا مزدوجا، الأول استراتيجي والثاني عملي. فمن الناحية الاستراتيجة لقد أكد الائتلاف أن قرار القضاء على الإرهاب لا رجعة فيه وهذه الحرب التي انطلقت لن تتوقف قبل أن تنتهي كل هذه الظواهر الإرهابية وأن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء. أما من الناحية العملية، فإن الغارات الجوية التي نفذت صحيح أنها لم تقض على «داعش» حتى الآن إلا أنها قد قوضت كثيرا من دعائم هذا التنظيم الإرهابي، وإن كانت الغارات الجوية لم تبعد الخطر على كوباني إلا أن ما يجب الإقرار به أن هذه الغارات الجوية أوقفت «داعش» على حدود كوباني وأبعدت الخطر عن عفرين والقامشلي لأن سقوط كوباني السريع لو حصل لكان مثل الوباء الفتاك الذي ما يلبث أن ينتقل إلى كل القرى الكردية في الشمال السوري. انتهت مرحلة وبدأت أخرى، ما يمكن تأكيده أن العالم مصمم على استئصال الإرهاب.