مشعل السديري أرجوكم لا تستصغروا عقلي، عندما أعترف وأقول لكم: إنني كثيرا ما قلبت وجهي في جهات الأرض الأربع، وضقت ذرعا بكوني إنسانا، وحسدت بعض الكائنات التي تتمتع بمزايا وصفات لا أملكها. فالأسد مثلا يستطيع أن ينام (20) ساعة متواصلة دون أن يكدر نومه أي حلم مزعج، ولا يستيقظ بالمتوسط سوى أربع ساعات فقط، إما ليصطاد، أو ليلاعب أشباله، أو ليضاجع لبوته ــ (وكان الله يحب المحسنين) ــ، فأي حياة مبهجة أكثر من ذلك ؟! كما أن طائرا اسمه (السمامة)، فهذا الطائر الغريب يبقى في الهواء محلقا بصفة مستمرة من سنتين إلى ثلاث سنوات، وقد يهبط ويشرب ويأكل وهو لا زال يرفرف بجناحيه دون أن تمس قدماه الأرض، بل إنه ينام كذلك ويتزاوج مع أنثاه وهما محلقان بالفضاء، ويا له من تزاوج رهيب و(رومنطيقي) ساحر، وددت لو أجربه يوما لو أستطيع وأنا محلق فوق الغيوم. ومما زادني إحباطا أن (للأخطبوط) ثلاثة قلوب، وأنا الذي لا أملك سوى قلب واحد عليل يحتاج إلى (دعامة) حسب نصيحة الطبيب، كما أن ذكر سمك (القرش) لديه جهازان تناسليان، يستعمل أيا منهما حسب مزاجه ــ يعني أخينا بالله (ما عنده مشكلة) وواضع قلبه على كراسيه، ما هو مثل بعض الناس (المعترين). إذن معي حق عندما قلت إنني ضقت ذرعا بكوني إنسانا. ولو أن معجزة حصلت وخيروني بمن أتمنى أن أكون من هذه الكائنات التي ذكرتها؟! هل أتمنى أن أكون (أسدا)، أم (سماما)، أم (أخطبوطا)، أم (قرشا)؟! فلا شك أنني ساعتها سوف ترتجف أوصالي من شدة الفرحة، وتصبح عيني الأولى باللحمة، والأخرى بالشحمة، فالقرار من هذه الناحية في منتهى الصعوبة والخطورة كذلك، لأنه يعتبر تقريرا مصيريا، لهذا أرفض الاختيار، وأصر على أنه إما أن أتقمص شخصية كل هذه الكائنات الأربعة دفعة واحدة، وإذا لم يتحقق مطلبي هذا، أظل كما أنا إنسانا لا له (لا في العير ولا الطحين) ــ مكرما غير معزز ــ. *** هل صحيح: أن عدم التعاون مع الشر هو واجب لا يقل أهمية عن التعاون مع الخير؟! أجزم أنه صحيح و (أبصم بالعشرة)، غير أن الموضوع التبس علينا في هذه الأيام الرمادية، فأصبحنا لا نعرف (عباس من دباس)، وأنا شخصيا لا أتعاون الا مع (دباس). *** قدرت مشاعر امرأة وفية وغير مسلمة، ومن محبتها لزوجها المتوفى وافقت على إحراق جثته، ومن رماده حولته إلى (الماسة). إلى هنا وكله (عال العال)، غير أن بعض اللصوص سطو على زوجها ــ أي الماستها ــ، وأخذوا يساومونها عليها، ودفعت لهم (الشيء الفلاني)، وأعادوها لها وفرحت بها كثيرا، غير أن فرحة المسكينة لم تكتمل، عندما اكتشفت أنهم خدعوها، ولم يعطوها غير زجاجة كرستالية براقة.