×
محافظة المنطقة الشرقية

صندوق التنمية العقاري : من صدرت له الموافقة قبل هذا التاريخ يستفيد من القروض

صورة الخبر

لم يحل الحول على فاجعة سقوط الطفلة لمى الروقي في حفرة البئر إلا ونفجع بحفرة أخرى تخطف منّا جوهرتين من جواهر البلد. ففي أحد أرقى شوارع مدينة جدة - شارع التحلية - تخرج أسرة علي منشو الصغيرة للتنزه وللحديث عن المستقبل المشرق الذي ينتظرونه بعد عودته من الابتعاث الخارجي، وفجأة يتحول الحلم الجميل إلى كابوس مرعب يخطف عماد الأسرة "علي" وطفله "محمد" ويمزق جسد هذه العائلة بسبب "حفرة" مكشوفة لتصريف المياه الصحية! وبهذه البساطة تفقد أم محمد شريك حياتها وفلذة كبدها. شعور مخيف أن تسير مع أطفالك وقلبك يخفق من "حفر الموت" التي تحيط بك ! وهذا الإحساس المدمر الذي يصرخ في قلبك قائلاً : ( لا تهلع كثيراً فحياتك ليست بالقيمة التي تظن ) واللامبالاة هي الشهادة التي يحملها من يفترض فيه أن يحافظ على حياة أطفالك. "الحفارون" من حولنا كثيرون ، والحفر التي تبتلعنا ليست قليلة، فهذا "حفّار الفساد" يغرس مخالبه في جسد الوطن ليبحث عن لقمة رخيصة له، ولا يهمه من يموت أو يتضرر في ركام حفرته. فالمهم هو والباقي إلى الهاوية، وعند التحقيق لن يعترف أحد بخطئه، فهو يرى الحفارين من حوله مازلوا في أمان. "حفّار البيروقراطية" هو أحد الحفارين الذين يقتلوننا ونحن أحياء ويغتالون أحلامنا بصمت، فهو ماهر في حفر الحفر الصغيرة التي تكسر قدمك وتوقفك عن الركض. فهؤلاء الحفارون يدمرون "النظام" بحجة تطبيق "الأنظمة" ويعطلون "مصالحنا" بذريعة الحفاظ على "الصالح العام" و"يظلمون" المراجعين تحت شعار تطبيق "العدل" وكل تأخر في البلد ستجد خلفه جيشاً من هؤلاء الحفارين الذين يتقنون "البيروقراطية". "حفّار الإهمال" مازال يسترخصنا ويدفع بأدوات حفره في كل مكان، فقد يموت الإنسان في المستشفى لأنه سقط في حفرة إهمال طبي. وقد يفقد طفله أحد حواسه في أحد ألعاب الملاهي، لأنها كانت ترسو فوق حفرة إهمال، لذلك دعونا نراجع أنفسنا هل نحن نحفر للإهمال حُفراً دون أن نستشعر خطرها. "حفّار الإبداع" سيستمر في حفر عقباته أمام المبدعين، لأن هذه الحفر لا يجرمها القانون ، وستصدم كثيراً لو تأملت في عدد المبدعين الذين وئدت إبداعاتهم في قبور هؤلاء الحفارين، فهم لا يكترثون بموهبة، ولا يثمنون قيمة إبداع كما يثمنه المسؤول في الطرف الغربي من العالم. لا أريد أن أصدق مقولة غازي القصيبي رحمه الله : (إذا أردت الموضوع أن يموت فشكل له لجنة)، لكني أشعر بمشاعر مؤلمة وسط هذا الكم من "الحفر" و"حفاريها"، وستظل قيمة "الإنسان" رخيصة ما ظلت معاول الحفارين قوية وسواعد البنائين ضعيفة.