قرأتُ عن عادات بعض أرباب المهن في الغرب . منها مثلا أن صيادي الأسماك إذا خرجوا إلى نزهة صيد التي كثيرا ما تجتذب المتقاعدين ومستثمري إجازات نهايات الإسبوع قليلو الحديث.. (هنا أيضاً لا أعرف الأسباب).. وأيضاً هم قليلو الحركة في كل ما يروى عنهم في الأدبيات الغربية.. فتجد الاثنين يجلسان على الشاطئ أو في قارب صيد دون حراك أو حديث. وشدتني عبارة إعلامية أسمعها تقريبا عند كل مُتغيّر سياسي أو انتخابي . وهي عبارة الأغلبية الصامتة. عبارة صحفية جديدة على الفصحى جاءت بُعيد الستينيات من القرن الماضي.. ولا أعرف أضدادها لغويّاً، هل نقول الأقلية المتحدثة أو الناطقة أو ربما المتذمرة أو المتبرمة أو الشاكية.. لا أدري. ولا أعرف من أين يأخذ بعض الناس ميزة الصمت. من طبعه؟ أو من تركيبه الذاتي؟ كل شيء ممكن. وقرأت عن اثنين كانا في المياه على شاطئ قرية انجليزية على قارب ليصطادا.. وبقيا صامتين لمدة طويلة... قد تزيد على الثلاث ساعات.. دون حراك أو كلمة واحدة.. وبعد قليل تحرّك أحدهما.. ليعدل وضع جسمه، أو كي يمد رجله ويده لاكتساب شيء من النشاط الذي عادة توفّرهُ حركة الأرجل أو الأذرع.. فتضايق زميله، وقال له: - اسمع يا هذا.. نحن هنا لنصطاد السمك.. لا لنرقص..! شيء جميل أن يتصف المرء بالهدوء.. ليتمكن من التفكير، أو التمتع بالجمال. واعجبتني أقوال لغربيين وشرقيين منها: الصمت فن عظيم من فنون الكلام. وليم هنريت - لابد أحياناً من لزوم الصمت ليسمعنا الآخرون. جلاسكو - لأننا نتقن الصمت حملونا وزر النوايا. غادة السمان أرى أن البعض يقول لا شيء بصمته. والبعض الآخر يقول لا شيء بحديثه * قال شاعر: واجعل الصمت إن عييتَ جواباً رُب قولٍ جوابه في السّكوتِ