السعودي سلطان عيسى العطوي يعلن انشقاقه عن «جبهة النصرة» السورية، والتحاقه بجبهة «أنصار الدين»، والأخيرة تتبرأ منه. ربما لا يبدو في الأمر جديداً، فتاريخ هذا «القائد الشرعي» حافل بـ «الانشقاقات» و»التقلبات» في إطار الحركات الموسومة بـ «الإرهاب» و»التكفير»، لا بل يذهب البعض أبعد من ذلك باتهامه بـ «العمل لمصلحة أجهزة أمنية». وعلى رغم إصدار «النُصرة» (ذراع تنظيم «القاعدة» الرسمي في سورية) بياناً منذ مطلع شوال الماضي، يفيد بفصل وإبعاد قائدها «الشرعي» العطوي، وسجنه وتعزيره ومصادرة أمواله ومنعه من دخول مقراتها، إلا أن العطوي المُكنى بـ»أبو الليث التبوكي» أجّل إعلان خروجه من الجبهة لأكثر من شهرين ونصف الشهر، وأعلن ذلك مساء أول من أمس، الأحد، عبر معرفه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، بعد أن قاتل في صفوفها بسورية لأكثر من عام ونصف العام، مدعياً أن انشقاقه لـ «أسباب شرعية». ويعتبر العطوي أحد أبرز المكفّرين والمحرّضين في صفوف «النصرة»، على قتال خصمها اللدود «تنظيم الدولة الإسلامية» (داعش)، وهو متهم من الدولة بشكل مباشر بـ «التفريق» بين التنظيمين (الدولة والنصرة)، وإشعال الفتنة ضد «داعش» والتحريض عليه. فيما تتهمه جميع التنظيمات القتالية والفصائل الجهادية، ومن بينها «النُصرة» بـ «التواطؤ والعمل لمصلحة منظمات وأجهزة أمنية». وأرفق العطوي إعلان انشقاقه عن «الجبهة»، بإعلان انضمامه لتنظيم «أنصار الدين»، عازياً ذلك لـ «أسباب شرعية»، بحسب ما أوضح في تغريدة بثها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر». وقال: «يتساءل البعض: هل ما زلت مع جبهة النصرة؟ فأقول: تركت النصرة من أواسط شعبان الماضي لأسباب شرعية سأذكرها لاحقاً، ووصيتي للمهاجرين هي بأنصار الدين» في إشارة إلى التنظيم الذي تشكّل في تموز (يوليو) الماضي، من تحالف أربع مجموعات محسوبة على تنظيم «القاعدة»، إلا أنهم أعلنوا عدم تبعيتهم التنظيمية لـ «داعش» أو «النصرة». ويُصنف العطوي من «الصقور» في عدائه لـ «الدولة الإسلامية» (داعش». وكان دائم التحريض على قتاله، وكتب قبل أسبوعين: «كنا نقاتل «الدواعش» شهوراً لوحدنا، وجالدناهم بسيوفنا بكل طاقتنا. وفجأة يأتي مُنبطح لم يقاتلهم إلا في «تويتر» ويعلّمنا كيف نتعامل مع «الدواعش». وعلى رغم إعلان انشقاقه من شعبان الماضي، إلا أنه كان يكتب ويغرد ويظهر في مقاطع مصورة لمصلحة «الجبهة»، ويحرض فيها على قتال «داعش». كما كشف العطوي في منتصف أيلول (سبتمبر) الماضي، عن مقتل أحد عناصر «داعش»، السعودي أبو محمد التبوكي على يد أمراء الجبهة، وذلك في محادثة خاصة له مع شخص «مجهول» انتشرت بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أن مقتله كان بعيداً عن منطقة سيطرته وإمارته. وقال العطوي في المحادثة المنشورة: «أبرأ إلى الله من مقتله». كما أوضح أنه تعرّف عليه حين كان التبوكي في السجن، لأنهما ينحدران من المنطقة ذاتها، مشيراً إلى تكفير التبوكي «أحرار الشام» و»الجيش الحر». وطلب العطوي خلال المحادثة من المتحدث إليه «عدم نشر ذلك وإبقائه سراً»، إلا أن الأخير لم يلتزم بما طلبه العطوي. وكانت «النصرة» ممثلة في قيادة المنطقة الشرقية في سورية، أصدرت مطلع شوال الماضي، بياناً إعلامياً أكدت فيها فصل وإبعاد العطوي، وجاء في نص البيان: «اجتمع مجلس شورى جبهة النصرة في المنطقة الشرقية، وبعد المداولة والمناقشة والاستماع للشكاوى والشهادات وتقويم القضاة في الجماعة، وذلك في محاضر مسجلة أصولاً، حول وضع الأخ سلطان عيسى العطوي الملقب بـ «أبي الليث التبوكي»، ونتيجة لممارسات هذا الأخ، ومخالفته لسياسة الجماعة، وعدم التزامه بها، فلقد قرر المجلس تنفيذ ما يلي: فصل الأخ المذكور من جماعة جبهة النصرة، واعتباره لا يمثلها رسمياً وإعلامياً. والجماعة غير مسؤولة عن تصرفاته بعد صدور هذا البيان، وتعزيره بالحبس لمدة أسبوعين من تاريخ توقيفه، وعدم السماح له بالتردد على مقرات الجماعة حتى إشعار آخر، والتحفظ على ما تحت يديه من أموال منقولة وغير منقولة، لحين البت بها، وينشر هذا البيان أصولاً، ويوزع على أفرع الجماعة ومقراتها». وإذا كان العطوي أعلن انضمامه إلى «أنصار الدين»، فإن هذا التنظيم لم يبدِ ترحيباً به، بل إن «الشرعي» في تنظيم القاعدة أبو عبدالقهار الحسني، كتب أن «العطوي لا يرى جبهة الجولاني أهلاً لقيادة المجاهدين من المهاجرين». فيما نشر أحد المقاتلين في «أنصار الدين»، واسمه معاذ العائدي، تنبيهاً في تغريدة له جاء في نصها: « تنبيه: لا علاقة لسلطان العطوي بجبهة «أنصار الدين» لا من قريب ولا من بعيد.. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى».