تحدثت أخبار الصحف عن عشرات الآلاف من الغرامات الموقعة أسبوعيا ضد مخالفي الأنظمة المرورية في بعض المدن أو المحافظات الكبيرة، مما جعل المجتمع يتساءل عن نوعية المخالفات وطرق رصدها تمهيدا لتوقيع الغرامات ضد أصحابها؛ لأن للمجتمع أولويات يرجو أن تؤخذ بعين الاعتبار عند رصد المخالفات المرورية؛ لأن قطع الإشارة المرورية الحمراء والسرعة الجنونية داخل أو خارج المدن وعكس اتجاه حركة السير والخروج الأحمق من شارع فرعي على شارع رئيسي دون توقف كامل، هذه النوعيات من المخالفات هي التي يجب على المرور التركيز عليها ومعاقبة مرتكبيها بقوة وحزم؛ لما قد ينتج عنها من مآسٍ وضحايا ودمار للمركبات والممتلكات والمرافق العامة، فهل عشرات الآلاف من الغرامات التي ارتفعت وتيرتها خلال الأسابيع الماضية كانت نتيجة أمثال هذه المخالفات الكبيرة، أم أنها ناتجة عن بعض المخالفات السهلة التي لا تؤدي إلى نتائج بالحجم نفسه الذي تؤدي إلى المخالفات الصعبة؟ إن الواقع يؤكد أن تحصيل تلك المخالفات نتج عن أخطاء من نوع عدم ربط الحزام داخل المدن والمحافظات، والوقوف المؤقت المزدوج في بعض الشوارع التجارية التي يمنع فيها ذلك النوع من الوقف، أو بسبب وقوف مؤقت في شارع لا يسمح فيه بالوقوف إطلاقا، ورصد معظم المخالفات الأنفة الذكر يتم عادة عن طريق نقاط تفتيش ينشئها بعض الضباط والأفراد في بعض الشوارع الرئيسية أو الفرعية، أو ترصد عند الجولات الميدانية لسيارات المرور في الشوارع التجارية، وقد لوحظ أن نقاط التفتيش التي تنشأ في وسط الشوارع تعرقل الحركة المرورية أكثر مما يعرقلها الوقوف المزدوج في بعض الحالات؛ لأن المدة القصيرة التي يتم التفاهم خلالها مع قائد المركبة وسؤاله عن رخصة القيادة وعن ربط الحزام وعن استمارة السيارة، تعني تراكم وتكدس مئات السيارات في بضع ثوان، فإذا افترضنا أن نسبة معينة من قائدي المركبات لم يربطوا الحزام، أو أن رخص قيادتهم منتهية، أو أنهم نسوها في جيب الثوب الآخر، أو أن استمارة سياراتهم «مطوفة»، أي أنها لم تجدد لعدة سنوات، فما هو ذنب الذين يقفون بمركباتهم خلف أولئك المخالفين لمدد تصل أحيانا إلى نصف ساعة أو أكثر، ولماذا لا توضع آلية أكثر مرونة لرصد مخالفات المخالفين بدل نصب نقاط التفتيش في الشوارع، وهل رأي ضباط المرور الذين تلقى العديد منهم دورات في دول أوربية أن نظراءهم ينصبون نقاط تفتيش في الشوارع التجارية المزدحمة؟، ألا يعلمون أنهم في تلك الدول يستوفون غرامات جميع المخالفات عند تورط السائقين في قطع إشارة أو السرعة الزائدة عن الحد المسموح به أو المراجعة لأي أمر يتطلب إبراز الوثائق الشخصية، فعندها تستوفى المخالفات «جملة» دون داعٍ لنقاط تفتيش، ولا سيما أن وسائل الاتصالات والإدارة الإلكترونية أصبحت تسمح لرجال المرور بمعرفة المخالفين المتأخرين في تجديد الرخص والملكيات دون البحث عنهم في الشوارع والحارات، وأنه يمكن إبلاغهم بمخالفاتهم عن طريق الرسائل الهاتفية، وأن تأخرهم في السداد سوف يضاعف من قيمة تلك الغرامات.. أليس حريا برجال المرور التركيز على الأهم قبل المهم، بدل أن يكون همهم الأول والأخير إنهاء الأبواك!.