ليس لدي شك بجدية معالي وزير الإسكان في حل مشكلة الإسكان بأفضل وأسرع وقت ممكن. كما أنني على يقين بأن من أولويات حكومة خادم الحرمين أن يمتلك كل سعودي مسكنا مباركا يليق به وبأسرته. ولا أخفيكم كنت متفائلا مع الصخب الذي صاحب حملة توفير المساكن. ولكنني فوجئت بوزارة الإسكان تسند تنفيذ الوحدات السكنية إلى شركات عقارية سعودية مشاركة في جنون أسعار الأراضي. في الحقيقة كان العقاريون يخجلون أن يحلموا بمثل هذا الحلم، فإذا بالوزارة تقدم له عزفا منفردا. وكأنني بالعقاريين يرقصون فرحا بهذه الخطوة غير الموفقة. أصبح مشروع الإسكان مشروعا لتسمين العقاريين. هناك تضارب كبير في المصالح بين مهنة العقاري الذي يحرص على رفع السعر واحتكار الأراضي البيضاء والمغالاة في أسعار الوحدات السكنية، وبين مهمة وطنية تتمثل في توفير سكن للمواطن تتبناه الوزارة. هذا التضارب في المصالح يمنع قانونا أن تسند مهمة بناء الوحدات لشركات عقارية. وأتوقع أن تنشأ مشاكل من تضارب المصالح في المستقبل. إما في التكلفة أو جودة التنفيذ أو مدة التسليم. أما كان الأجدى أن تنشأ شركة مساهمة وطنية بالشراكة مع شركة تطوير عقاري أجنبية ذات خبرة كالشركات الكورية مثلا، وأن تكون هي المسؤولة عن تنفيذ الوحدات المزمع إنشاؤها؟ قد يكون سبق السيف العذل هذه المرة ولكن هناك وحدات ستبنى مستقبلا أرجو ألا تسند مهمة بنائها إلى العقاريين. الحقيقة أن تضارب المصالح ينخر مؤسساتنا والأسف ليس هناك وعي لخطورة تضارب المصالح على أداء الفرد والمؤسسة. في الغرب لو اتضح أن هناك تضارب مصالح عند شخص أو مؤسسة أو شركة فلن يسند لها مهمة في هذا الخصوص، بل أصبح لزاما على كل محاضر في محفل علمي أن يبين إن كان هناك تضارب في المصالح قبل أن يبدأ المحاضرة. ولكي نقرب الصورة لا يمكن أن نطلب من شركة بترول تنفيذ محطات الطاقة الشمسية، أو من شركة فحم أن تبتكر طرقا لتقليل الانبعاث الحراري. وبالمثل لاتسند مهام بناء الوحدات السكنية إلى مضاربي العقار الذين يحرصون على خلق الأزمات العقارية لا على حلها. هنا يأتي دور الجهات الرقابية لمتابعة تكاليف الإنشاء وجودة التنفيذ ومدى الالتزام بالمدد المحددة لكل مشروع. لا أنتظر ردا من الوزارة لأن الكرة في ملعب الشركات العقارية المطورة. الوقت فقط وليس الردود هو ما سيثبت صحة كلامي من خطئه. أعدكم أن أعود للموضوع كل ما اقتضت الضرورة بما في ذلك رأي المواطن في الوحدات التي استلمها.