لنتصور عدم وجود المنطقة الصناعية بكافة عناصرها، من مصانع وورش ومستودعات، على امتداد المحور الجنوبي لمدينة الرياض، الذي يربطها بمدينة الخرج، هل حال النمو الطبيعي لمدينة الرياض سيكون على نحو ما هو عليه في الوقت الحاضر، يستقطبه بشكل أساسي وواضح، محوراها الشمالي والشرقي دون الجنوبي؟ الإجابة في الغالب هي بلا .. وأن الحال لن تكون كذلك، فواقع التكامل الاقتصادي بين أكبر مدينتين متجاورتين في منطقة الرياض المسافة بينهما لا تتعدى السبعين كيلومتراً ، هو أمر لا يمكن تجاهله حيث تمثل إحداهما واحدة من أكبر سلال الغذاء والإنتاج الزراعي والحيواني في المملكة، بينما تشتهر الأخرى بأنها أكبر سوق استهلاكي لتلك المنتجات، هذا بخلاف أن امتلاك الخرج لمقومات قيام سياحة ريفية متميزة ينشدها سكان العاصمة الرياض في الإجازات الأسبوعية والموسمية قادرة لوحدها أن تجعل التنمية العمرانية والعناصر السياحية الترفيهية منها على وجه الخصوص لا تنقطع على امتداد محور النقل بين المدينتين وإن كاد الأمر أن يكون كذلك في الوقت الحاضر ولكن بعناصر لا تمثل للأسف سوى عوامل إضعاف لهذا التكامل. ما يعانيه أي عابر لمحور النقل الحالي بين المدينتين هو في الواقع كثافة حركة الشاحنات على جانبيه نتيجة الأنشطة الاقتصادية التي تقع على امتداده ، في كل من محافظة الخرج، حيث وجود المزارع التي تنتج ما يزيد على (26 %) من محاصيل الخضروات، ونحو (65 %) من منتجات الألبان في المملكة، التي تسوق يومياً لتلبية طلب السوق المحلي وأسواق دول مجلس التعاون، وكذلك وجود ما تزيد نسبته على (35 %) من المصانع في المملكة، ضمن نطاق مدينة الرياض، تتلقى خاماتها الأولية وتسوق منتجاتها عبر هذا المحور هذا بخلاف حركة المرور العابر ضمن مسارات محور النقل بين المدينتين. إن تعزيز التكامل بين هاتين المدينتين ليس بالضرورة ألا يتحقق إلا من خلال نقل النشاط الصناعي في المحور الجنوبي لمدينة الرياض إلى موقع آخر أكثر ملاءمة، كما يمكن للبعض أن يتصور ذلك، لا سيما حين نتأمل حجم الإنفاق الرأسمالي الضخم في البنية الأساسية، والاستثمار الكبير في إقامة المنشآت الصناعية هناك، لكن ما يمكن أن يوصلنا إلى قدر كبير من تعزيز هذا التكامل هو القيام بالفصل التام بين محوري حركة النقل للبضائع بالشاحنات، وحركة النقل للركاب بالسيارات بين الرياض والخرج، وذلك عبر إيجاد محور تنمية مستقل مواز للمحور الحالي القائم يربط بين المدينتين بمسارات نقل للركاب بالسيارات والقطارات معاً، ربما تكون (الحائر) ضمن نطاق هذا المحور لكي يشملها التطوير الذي هي في أمس الحاجة إليه، ليجسد هذا المحور الجديد في نهاية المطاف ما تتبناه الإستراتيجية العمرانية الوطنية في هذا الشأن، ويكون عامل جذب لنسبة جوهرية من الزيادة السكانية المستقبلية في مدينة الرياض ليتم استيعابها في محافظة الخرج، وضمن هذا المحور أيضاً، وليدحض التصور السائد حالياً بألا نمو إلا جهة الشمال وليكون هذا المحور المقترح مع ما سيشتمل عليه من حوافز للاستثمار ضمن نطاقه في الأنشطة السياحية الثقافية والترفيهية البديل الأمثل والأكثر كفاءة من محور طريق الثمامة الترفيهي الحالي الذي بدأ في التلاشي نتيجة زحف المخططات السكنية إليه في الوقت الحاضر.