حتى وقت قريب، كانت شبكة الطرق في المملكة تشكل واحدة من المحطات المضيئة في المسيرة التنموية، وتطوف صورها والكل ينظر إليها بفخر واعتزاز عواصم العالم، من خلال تزيين المعارض الرسمية بهذه الصور كملمح يقدمنا نجاحاتنا للعالم الآخر في تنفيذ مشاريع عملاقة من شأنها إسعاد المواطن ورفاهيته. اليوم، تحولت شبكة الطرق العملاقة وبشكل مفاجئ، إلى مصائد للأرواح البريئة في كثير من مناطق المملكة، بعد أن طالها الإهمال وغابت عنها الرقابة، أسوة بكثير من مشاريع الدولة، وبعد أن ركب بعض مسؤوليها موجة التبريرات والوعود التي لم تنفذ حتى يومنا هذا. تعاني الشبكة التي شاخت مبكرا، من تآكل الطبقة الأسفلتية، وحفر وعائية تشاهد لأول مرة في طرق سريعة، وانعدام تام للحواجز الخرسانية لحماية الأرواح من السقوط في أماكن خطيرة يصل عمق بعضها إلى آلاف الأمتار، وسط جبال وعرة يصعب الوصول إليها، إلا من أشلاء جثث تناثرت على هذه الطرقات. أمام وزير النقل الدكتور جبارة الصريصري ووكلاء الوزارة مسؤولية كبيرة لا تقبل التأخير، لمعالجة الوضع المتردي لكثير من الطرق الرئيسية بين المناطق، من خلال العمل على صيانتها بصفة دورية، إن لم يكن لتقليل الحوادث المرورية، فعلى الأقل لستر العيوب التي صاحبت تنفيذ طرق تغرد خارج سرب الاهتمام. وضع شبكة الطرق التي تشهد تراجعا، مقابل زيادة في أعداد الحوادث المرورية، التي أودت بحياة أبرياء، يحتاج إلى وقفة تبرهن للجميع صدقية المليارات التي تنفقها الدولة على هذه الشبكة العملاقة، التي شوهت صورتها بسبب الإهمال وغياب الرقابة.