يتوقع أن يعود الى لبنان قريباً الوسيط القطري بين الحكومة اللبنانية وبين «داعش» و «جبهة النصرة» في قضية العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى التنظيمين، في محاولة جديدة لإقناع الأخيرين بضرورة حسم أمرهما والخروج من المراوحة، والتوافق معهما على اطار عام يدفع في اتجاه تفعيل المفاوضات التي ما زالت عالقة بسبب عدم استقرارهما على تصور نهائي لمطالبهما، وتقلبهما المتكرر في ما يطرحانه، ليتولى نقله الى الحكومة اللبنانية للنظر فيه، خصوصاً ان وجهات النظر في داخلها من مبدأ المفاوضات لم تعد متباعدة، ويمكن بلورتها في موقف موحد يخرج به مجلس الوزراء، على ان يتولى الوسيط القطري نقله الى المجموعات المسلحة. (للمزيد) وعلى رغم ان «داعش» و «النصرة» ما زالا يصران على مواصلة حملاتهما في تحريض أهالي العسكريين على الحكومة، بذريعة أنها لا تبذل جهداً للإفراج عن أبنائهم، ويحاولان من خلال ذلك تأليبهم على الدولة، فإن التواصل المفتوح بين الأهالي والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم والأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى اللواء محمد خير، يأتي ليؤكد ان الدولة والأهالي هم الآن في خندق واحد وان المحاولات لإحداث شرخ بينهم لن تدوم طويلاً في ضوء تأكيد رئيس الحكومة تمام سلام أنه مستمر في التفاوض «ولن نيأس لأن هذه القضية على رأس اهتماماتنا وهمنا الأول». إلا ان عودة الوسيط القطري لاستئناف مفاوضاته المتنقلة بين «داعش» و «النصرة» من جهة وبين الحكومة اللبنانية من جهة ثانية، لا تخفي الشعور السائد لدى المعنيين بمواكبة الوساطة القطرية، بأن المجموعات المسلحة لا تتعاطى بجدية مع هذه الوساطة، وان الوسيط يشكو من تعدد المرجعيات لديها، الأمر الذي لا يزال يعيق مهمته في تحقيق تقدم ينقل المفاوضات من المربع الأول الى مرحلة تتيح الانتقال، وللمرة الأولى، الى مرحلة البحث في التفاصيل. ولم يكن في وسع الجهات السياسية المواكبة للوسيط القطري وتحركاته غير المعلنة، سوى الوقوف أمام الأسباب التي تكمن وراء تعطيل وساطته، على الأقل راهناً، من قبل «داعش» و «النصرة» ومن ثم السؤال ما إذا كانت مطالبهما تتجاوز قدرة لبنان على الاستجابة لها لأن القرار فيها خارج عن ارادته ويعود لجهات اقليمية ودولية. وفي هذا السياق، تسأل هذه الجهات إذا كان لسياسة التقلب في المطالب علاقة برغبة التنظيمين في الاحتفاظ بورقة العسكريين المخطوفين، لعلهما يستطيعان استخدامها في أوقات الشدة، لا سيما مع اقتراب فصل الشتاء، وإلا لماذا يعيقان مهمة الوسيط القطري؟ كما تسأل أيضاً عن صحة ما تردد من ان لديهما قراراً يقضي بدفع الوسيط القطري الى اليأس لعلهما يفتحان الباب أمام استدراج العروض للبحث عن وسيط آخر، في ضوء ما أشيع ووصل صداه الى مسامع أركان الدولة، ومنه ان «النصرة» و «داعش» على وشك تمرير رسالة مباشرة الى الحكومة يطلبان فيها انتداب «هيئة العلماء المسلمين» للقيام بوساطة خلفاً للوسيط القطري، باعتبار ان هذه الهيئة تحظى بثقتهما وكانت في السابق على تواصل مع وزراء في حكومة سلام وتبرعت بالقيام بوساطة من دون أي تكليف رسمي تحت عنوان التفاهم على هدنة انسانية خلال اشتداد المعارك بين الجيش والمجموعات المسلحة في عرسال البقاعية وجرودها. لكن المصادر الرسمية ترفض تأكيد او نفي ما تردد عن احتمال توسيط «هيئة العلماء» التي كانت علقت وساطتها لمصلحة قيام جهات خارجية بوساطة بطلب رسمي من الحكومة، في اشارة الى طلب لبنان في حينه من قطر وتركيا المساعدة للإفراج عن العسكريين، فيما لم تستبعد المصادر ان تقدم «الهيئة» مساعدتها للوسيط القطري.