صحة الإنسان هي أهم وأغلى محرك في حياته، فهي مقود لكل فرد فينا في عمله وفي بيته وفي كل تعاملاته، فالصحة تاج على رؤوس الاصحاء. لابد من الاهتمام بالصحة وتكريس كل ما حولنا من أجل الحفاظ عليها لما أمر به ديننا ويرغبه الجميع من داخلهم من حيث السعادة بصحة جيدة. يشكل موضوع المرض وكيفية تجنّبه والمحافظة على صحة سليمة هاجساً للناس يقلقهم ويقّض مضاجعهم، فما مصدر هذه الأوجاع؟ ولماذا تصيب شخصاً وتغفل آخر؟ وهل للإنسان دورٌ فيما يصيبه؟ أسئلة طرحها الإنسان ولا يزال يبحث عن الإجابة والحمد لله على كل حال. لقد ساد الاعتقاد أن سبب أمراض الجسد هو الجسد نفسه فقط أي أنها تنشأ في الجسد وتنتهي فيه ومع تطور الطب ظهر علم الطب النفسي في بداية القرن العشرين والذي انطلق خارج نطاق المحسوس والملموس ليتناول تأثير النفس البشرية وما تحويه من مشاعر وأحاسيس على الجسد وتفاعلاتها في الكيان ككل. قد أظهرت الأبحاث في هذا السياق أن المرض ينشأ إما في النفس أو في الجسد لتلغي بذلك الاعتقاد السابق بتفرد الجسد كمصدر وحيد للأمراض، لكن العلوم الطبية لم تقف عند هذا الحد بل أكملت البحث لتطال علاقة الفكر بالصحة. أيضا أوضحت النتائج مدى تأثير طبيعة الأفكار في الدماغ البشري على جهاز المناعة، ولعل هذا ما يفسر تكاثر الأمراض لا سيما في المناطق التي يقل فيها الوعي حيث يتفشى الجهل والركود الفكري نسبة إلى المناطق التي يتمتع أهلها بنسبة لا بأس بها من الوعي. هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى ضعف الصحة وحدوث قصور فيها، فنجد أن العصبية على سبيل المثال والتي يسببها التوتر والفوضى الفكرية بالدرجة الأولى ترفع نسبة الكورتيزول والأدرينالين في الجسم مما يؤثر سلباً على جهاز المناعة، هذا والعدائيّة كاحدى حالات التفكير السلبي والرافض تزيد من احتمال الإصابة بأمراض القلب أكثر من الكولسترول العالي أو التدخين أو الوزن الزائد. يتبيّن لنا أن علوم الطب النفسي والجسدي قد أظهرت العلاقة الوثيقة بين الفكر والصحة من خلال نتائج الإحصاءات والظواهر لكنها لم تشرح آلية حدوث مثل هذا التأثير، أي أنها أدركت النتيجة عبر ملاحظتها لكن من دون أن تطال السبب. إن الفكر أساس كل شيء في حياة الإنسان فهو أساس حالة الإنسان الجسدية والصحية والنفسية والعقلية، فإن كان التفكير صحيحاً سليماً وإيجابياً وتلازم مع تطابقه بالقول وتطبيقه بالفعل عندها يشعر الإنسان بالاستقرار والسلام الداخلي وتهدأ المشاعر وتستكين الأحاسيس فيعمل الجهاز العصبي برتابة مريحة ويشعر المرء بالنشاط الفكري براحة البال والهناء مما ينعكس حتماً كصحّة جسديّة سليمة. على عكس ذلك فإن أسلوباً خاطئاً في التفكير يجعل المرء يعيش حالة فكرية سلبية تتّسم بالعشوائية والاضطراب فتنعكس حالة القلق والصراع الحاصل بين تصرفاته الفعلية وما تقتضيه طبيعة تكوينه كإنسان من تصرف تنعكس في بعض المشاعر كخوف وقلق واضطراب وفي الجسد كخروج الجهاز العصبي عن إيقاعه المعهود ونقل اضطرابه وتشويشه للأعضاء الجسديّة. اخيرا الفكر والصحة بينهما علاقة وطيدة فلابد من العلم ان العامل الفكرى وهو الضلع الأساسي في العملية النفسية هو احد أهم اضلع الحالة الصحية سواء الايجابية أو السلبية، فلابد من العمل دوما على توجيهها في الاتجاه الصحيح كل الامنيات ان تنعكس ثقافتنا على صحتنا دائماً وأبداً.