رغم توجيه أمير منطقة مكة المكرمة بتشكيل لجنة تحقيق عاجلة في حادثة خزان الصرف الصحي بشارع التحلية بجدة، فإن مشاعر الحزن والأسى لم تغادر بعد قلوب وعيون كل من شاهد الأم الشابة وهى تستغيث وتصرخ لإنقاذ زوجها على نشو وابنها الصغير محمد، قبل أن يلقيا حتفهما اختناقًا بسموم (مياه المجارى الآسنة)، داخل خزان أمام أحد المراكز التجارية الشهيرة، تُركت فوهته مفتوحة؛ ليتحول في لحظات إلى مقبرة لطفل لا يتجاوز ربيعه الخامس، وأب في العقد الثالث من العمر. (الوئام) خلال متابعتها الحدث لحظة بلحظة، التقت المواطن محمد العتيبي (شاهد عيان)، رأى بأم عينيه الأم المكلومة وهي تصرخ وتبكي ألمًا وحزنًا على فقدان زوجها وابنها أمام عينيها؛ بسبب غطاء لا تتجاوز قيمته ١٠٠ ريال. ومثل كل المواطنين الذين طالبوا بمحاكمة عاجلة لكل من تسببب في هذه المأساة، تساءل العتيبى: بأي ذنب قتلوا، ومن المسؤول؟ ومضى يروى تفاصيل تلك الحظات الرهيبة قائلاً: كنت مارًّا بشارع الأمير محمد بن عبدالعزيز (التحلية) أنا وصديقي، وتفاجأنا بتجمهر العديد من المارة بالموقع؛ مما دعانا إلى الوقوف لكي نرى ماذا يجري. هل شاهدت الأب وابنه داخل خزان الصرف الصحى؟ في البداية، وقبل أن تزداد أعداد المتجمهرين، تمكنت من رؤية مجموعة من المواطنين يقومون بإخراج رجل أمن ومواطن من داخل الخزان (بيارة)، وبمجرد إخراجهما أجرى لهما رجال الهلال الأحمر عملية تنفس صناعي قبل أن يتم نقلهما للمستشفى. والطفل الصغير.. هل شاهدته؟ بعد أن نقل الهلال الأحمر رجل الأمن والمواطن، حضرت فرق الإنقاذ التابعة للدفاع المدني إلى الموقع، وبعد عملية بحث سريعة داخل البيارة العميقة، والمعبأة بالروائح الكريهة الخانقة والسموم القاتلة، تمكنوا من انتشال جثة الطفل محمد من داخل خزان الصرف الصحي، وعبثًا حاولوا إجراء الإسعافات الأولية، فقد خرج الصغير من (البيارة) ميتًا، وتقرر نقله بإسعاف الهلال الأحمر في منظر مفجع للغاية إلى المستشفى. وكيف كان حال الأم؟ الله معها.. مسكينة.. كانت تصرخ وتبكي، ويشاطرها الحضور مشاعرها وحزنها، يبكون كلما تعالت صرخاتها وهى تنادي على زوجها الشاب وابنها الصغير في حالة هيستيرية صعبة، غير مصدقة فراقهما إلى الأبد. يصمت العتيبي برهة من الوقت، مبديا تأثره البالغ، وعدم القدرة على تذكر المشهد ثانية، وبعد أن تمكن من السيطرة على مشاعره، قال معاتبا الأجهزة المعنية، والمتسببين في اغتيال براءة محمد وموت والده.. هل لهذه الدرجة أرواح الناس رخيصة، حتى تترك بيارة صرف صحى مفتوحة هكذا في شارع كبير ومعروف، وأمام مركز تجاري شهير، يرتاده الآلاف يوميا؟! ويضيف شاهد العيان: إنها وربي فاجعة، ولا بد من محاسبة كل من تسبب فيها أشد العقاب والحساب، حتى لا تتكرر ثانية في أي مكان. انتهي حديث العتيبي، ولكن لم تنتهِ بعد تساؤلات المواطنين، التي تؤكد أن المال لا يعني أي شيء، مقابل إزهاق روح بريئة دون وجه حق، كما تكشف تساؤلات المواطنين التي تنقلها (الوئام) إلى الأجهزة المعنية، إلى أي مدى تحتاج بعض القوانين والتشريعات إلى تعديلات عاجلة، ومن هذه التساؤلات: هل يعقل أن تستمر المادة رقم 18 / 4 بلائحة الغرامات والجزاءات الخاصة بالمخالفات البلدية، كما هي بهذه العقوبة البسيطة التي تتراوح ما بين 1000 وثلاثة آلاف ريال غرامة، لكل من يترك فتحات الصرف الصحي دون أغطيه واقية، على أن يدفع المتسبب تعويضًا للمصاب؟! وإلى متى يظل الإهمال في البلديات وأمانات المدن سيد الموقف؟ رابط الخبر بصحيفة الوئام: شاهد عيان يروى لـ«الوئام» تفاصيل مأساة شارع «التحلية»