يعقد في القاهرة يوم الأحد اجتماع للدول المانحة، يفترض أن يحدّد ما إذا كانت الأسرة الدولية مستعدة لتمويل إعادة إعمار قطاع غزة، الذي دمّرته ثالث حرب تشنّها إسرائيل خلال ست سنوات. ولكن أمام الاحتياجات الهائلة، ترتسم عقبات كثيرة، مثلاً، ما الذي سيدفع الدول الى الالتزام بتقديم مساعدات مالية بعدما دمرت القنابل المشاريع التي مولتها، في حين لا يلوح في الأفق حل للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، ما يزيد من أخطار اندلاع حرب جديدة، وفي وقت تساهم هذه الدول في تقديم مساعدات بسبب النزاع الدائر في سورية المجاورة، رغم أنها موازناتها تعاني أصلاً بسبب الأزمة الاقتصادية. ويلتقي في القاهرة موفدون من حوالى خمسين بلداً، وحوالى ثلاثين وزير خارجية، والأمين العام للأمم المتحدة ووزير الخارجية الأميركي وممثلو هيئات إغاثية ومنظمات دولية او سياسية مثل صندوق النقد او جامعة الدول العربية، لتحديد قيمة المساعدات وكيفية مواجهة الدمار الذي لحق بغزة. ولم تقتصر خسائر الحرب بين اسرائيل من جهة، وحركة حماس والفصائل الفلسطينية من جهة ثانية، على مقتل اكثر من 2100 فلسطيني معظمهم من المدنيين و73 اسرائيلياً معظمهم عسكريون. وأفادت منظمة غوث وتشغيل اللاجئين (انروا) بأن المعارك أدت إلى تدمير 80 الف منزل كلياً او جزئياً، كما دمرت الكثير من مرافق البنى التحية وشبكات توزيع الماء والكهرباء. وقال ستين لاو يورغنسن، مدير البنك الدولي للأراضي الفلسطينية، قبل فترة وجيزة إنه "في غياب تحرك فوري، يبقى خطر (اندلاع حرب جديدة) ماثلاً بصورة واضحة وحقيقياً". وتراجع القلق من تجدد العنف مع احترام الهدنة الموقعة في 26 آب (أغسطس ) برعاية مصر. ولكن الاحتياجات لا تزال هائلة. ووضعت حكومة التوافق الوطني الفلسطينية خطة تفصيلية لإعادة الإعمار بقيمة اربعة بلايين دولار، وإن كان الخبراء يرون أن القطاع في حاجة إلى مبالغ اكبر من ذلك وأن العملية ستستمر سنوات عدة. وستطلب وكالة "الأنروا" وحدها من مؤتمر القاهرة 1,6 بليون دولار لتغطية احتياجاتها القصيرة المدى. ورداً على سؤال في شأن مدى تجاوب المانحين مع هذه المطالب، قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي "توقعاتنا الأولية تقول إن المؤتمر سيحقق نجاحاً كبيراً". وأضاف أن الأميركيين لن يربطوا مساعداتهم بتخلي الرئيس محمود عباس عن مبادرته، التي يدفع فيها باتجاه الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وإن كانوا غير موافقين عليها. ومن دون التطرق في شكل خاص لاجتماع القاهرة لم يستبعد مسؤول كبير في وزارة الخارجية أن تبدأ الولايات المتحدة بالربط بين الأمرين، في حال أصرّ عباس على المضي قدماً في مشروعه. وقال جون غات - روتر، الممثل الأوروبي للأراضي الفلسطينية ان الاتحاد الأوروبي لمس "تطورات ايجابية" في الجانب الفلسطيني وكذلك الإسرائيلي منذ ايلول (سبتمبر)، فالإسرائيليون الذين سيتابعون مؤتمر القاهرة عن بعد، بدأوا بتكتم بتفعيل آلية موقتة تم الاتفاق عليها مع الفلسطينيين والأمم المتحدة لتمرير المساعدات لإعادة الإعمار إلى القطاع. ولكن من غير المؤكد أن يتيح هذا التقدم تجاوز "تقاعس المانحين" كما يقول دبلوماسيان طلبا التكتم على اسميهما. فقد يخلص المؤتمر إلى الإعلان عن أرقام مرتفعة لأن من مصلحة مصر المضيفة والنروج المشاركة في التنظيم انجاح المؤتمر، وفق ما يقول مصدر مقرب من المنظمين. ولكن الديبلوماسيين نفسيهما يحذران من الوعود الجوفاء وتلك التي تشكل تكراراً لوعود تم الإعلان عنها سابقاً. وقال احدهما "بعض التشاؤم يخيم على الأجواء. لقد تعب الناس من دفع المال في غياب حل سياسي في الأفق".