قد تعلمون أنّ راتب عُمّال شركات نظافة الشوارع في جدّة، وربّما في غيرها من المدن السعودية، هو ٣٥٠ ريالا فقط، يصرفون منه حتى على أكلهم وشربهم، باستثناء السكن المجّاني الممنوح لهم حيث لا يُعتبر حافزاً في الأصل، لتواضعه وتكدّسهم فيه بشكلٍ غير لائق!. قد تعلمون هذا، لكنّ الذي لا تعلمونه هو ما أخبرني به أحد هؤلاء العُمّال من أنّ شركته ألزمته قبل إجازته السنوية بشراء تذكرة الطيران التي تكلفتها ٢٥٠٠ ريال، ذهاباً إلى بلده وعودةً منها، على حساب راتبه الضئيل!. وبإجراء حسبة بسيطة يتضح أنّ صافي راتب العُمّال هو (٣٥٠) ناقص (٢٥٠٠ قسمة ١٢) = ١٤٢ ريالا تقريباً، وهو في ظني الراتب الشهري الأقل في العالم، فيما لو قورن بالمدن ذات التكاليف المعيشية المرتفعة مثل جدّة، بل هو أقرب لراتب الساعة الواحدة منه للشهري!. لا جرم ولا عجب ولا غرابة إذن أن يتحول العُمّال إلى شبه متسولين في الشوارع، ينظفون بيد، ويمدّون اليد الأخرى للناس، بلا مواراة، لأخذ ما تجود به أنفس الناس، من نقود وطعام وملابس، على مرأى ومسمع من الأمانة التي توقع عقوداً بالمليارات مع الشركات، لتربح هذه الأخيرة مئات الملايين، ولا تكترث الأمانة بمساءلتها عن الوضع الإنساني لعُمّالها الذين تحالفت عليهم قسوة الغربة وظلم الشركات، كما لا تكترث بتوجيهها لتحسين حوافز التعاقد معهم، الأمر الذي لا يليق بمكانة بلادنا في مشارق الأرض ومغاربها!. وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وقبل أن تسكت عن الكلام المباح، بعثت لي رسالة واتس آب، تناشد فيها وزارة العمل أن تحلّ هذه المشكلة التي أغمضت الأمانة عينيها عنها، فلا أظنّ الوزارة ترضى بمثل هذا الوضع المهني الصعب لأي مواطن سعودي، داخل وخارج المملكة، ومن العدل والإنسانية أيضاً ألّا ترضاه لعُمّالٍ وافدين، غلابة ومساكين، ولا حول لهم ولا قوة!. المدينة