أعجبني هذا الموقف، وأعجبني أكثر منه الرد عليه قال عمر بن الخطاب لأبي مريم السلولي يوما: لن أحبك يا أبا مريم حتى تحب الأرض الدم، فسأله أبو مريم: أهذا يجعلك تمنعني حقا أقوله يا أمير المؤمنين؟، فقال عمر: (لا) فقال: لا بأس يا أمير المؤمنين، فإنما يأسف على الحب النساء. *** كان الملك (جورج الخامس) مشهورا باقتصاده وحرصه على عدم إنفاق النقود إلا فيما يستحق، وقد حرص على أن يغرس هذه العادة في نفوس أبنائه، إلا أن ابنه (البرنس اوف ويلز) كان على العكس من أبيه مسرفا إلى حد بعيد، وبينما كان الأمير في المدرسة كتب خطابا إلى أبيه يلتمس منه معونة مالية إضافية، ولكنه تلقى رسالة من أبيه يوبخه فيها على إسرافه، ويحثه على أن يكون رجل أعمال. وفي اليوم التالي تلقى الملك رسالة من ابنه قال فيها: لقد عملت بنصيحتك، فبعت خطابك إلى أحد هواة جمع رسائل المشاهير بمبلغ (250) جنيها، وهي أكثر مما طلبته منك بعشر مرات، وشكرا. *** أظن أنه ليس هناك كلمة مخادعة أكثر من كلمة (هدية)، فليس هناك شيء يعطى بدون مقابل مادي أو معنوي أو عاطفي أو دعائي، حتى الصدقة وهي الصدقة، يطلب المتصدق من ورائها أجرا، وقد أستثني من كل ذلك كلمة (الشفقة) التي هي من وجهة نظري أنبل المشاعر الإنسانية على الإطلاق لأنها مجردة من أية مصلحة -خصوصا لمن لا تعرفه ولا ترجيه ولن تصادفه مرة أخرى-. والهدية لا تختلف كثيرا عن الهبة، فكلاهما يمنحان من بئر واحدة، وكلاهما يصبان في مجرى واحد. وأعجبني ذكاء رجل عندما قال: وهبني أحدهم نعجة، فوهبته ناقة، ثم وهبني نعجتين فبعثت له بناقتين، ويبدو أن العملية (حليت بعينه)، وفي إحدى الليالي تسلل إلى حظيرتي وعد نوقي البالغة 67 ناقة، فما كان من طمعه إلا أن يرفع (الدوز) على الآخر، وإذا به يرسل لي (67) نعجة على سبيل الهبة، أملا بأن أكرر فعلتي، ولم يعرف الأهبل أنني (حابل) به، لأن ذكائي في النهاية تغلب على طمعه، لأنني في اليوم الثاني رحلت من المكان (كومبليتلي) مع نوقي وما حصلت عليه من النعاج السمان. وانتهت نتيجة المباراة بـ(70) نعجة مقابل (3) نياق، ولم أبعث له من نوقي إلا اللواتي أردت أن أتخلص منهن، فواحدة كانت هزيلة، واثنتان مصابتان بداء الجرب. ولا شك أن ذلك الرجل الذكي كان من تلاميذي ومتخرجا من مدرستي، فهذه هي فلسفتي بالحياة في كل شيء، حتى فيما يسمى بـ(الحب). فهل أستاهل الرجم بقشر البطيخ، أو لا أستاهل؟!