ما إن يحل عيد الأضحى المبارك وينتهي الناس من التزاماتهم المعتادة من ذبح الأضاحي ومعايدة الأقارب، حتى يبدأ شد الرحال إلى مواقع الصيد في مختلف مناطق المملكة، إذ يحرص الهواة على استثمار هذه الفترة نظراً إلى انتشار الطيور البريّة ذات الأنواع المتعددة. وتحظى مدينة عرعر بعدد وافر من الشبان الذين يحرصون على الصيد والقنص، إذ يعملون على إعداد العدّة لموسم الصيد منذ وقت مبكّر، فيبدأ تجهيز أدوات الصيد وتحديد المواقع الأنسب له، ووضع المخيمات تمهيداً لوجودهم فيها أياماً عدة. وعلى رغم التحذيرات الطبيّة المتواصلة من خطورة بعض الحيوانات والطيور، وخصوصاً المهاجرة منها، فإن هواة الصيد لا يلتفتون إليها، وإنما يعملون على رفع راية التنافس فيما بينهم، ليعلن كل طرف اصطياد صقر من نوعٍ نادر يبلغ 100 ألف ريال، وآخرون تمكنوا من اصطياد طائر من نوع أكثر نُدرة وباعوه بنصف مليون ريال. ويوضّح أحد هواة الصيد سعود عبدالله، أنه في كل عام يحرص على الصيد والذهاب إلى مواقع القنص بحثاً عن الصقور والطيور النادرة للاحتفاظ بها، وعلى اصطياد بعض الطيور المتنوعة بهدف تناولها، مشيراً إلى أن كثيرين من كبار السن والشبان يفضلون تناول لحوم هذه الطيور، وغالباً ما تكون على وجبة العشاء بعد يوم حافل من الصيد الذي يمتد من الصباح إلى وقت متأخر من النهار. ويقول: «تعدّ المناطق الصحراوية، وخصوصاً تلك التي تكون بالقرب من الأشجار الصغيرة، والتي تستظل تحتها الطيور أو تكون مصدراً لغذائه، مناسبة للصيد، ونحرص بوصفنا هواة، على البحث عنها والتوجّه إليها، وبعض الهواة يحرصون على استئجار مزارع في المنطقة مدة 10 أعوام بمبالغ قد تربو على 100 ألف ريال لكل عام، وذلك بهدف ممارسة الصيد داخلها». ولا يعترف بعض هواة الصيد بتلك التحذيرات التي يطلقها بعض الأطباء في شأن صيد الطيور والحيوانات، إذ يرى أحدهم أنها غير واقعية، انطلاقاً من أنه لم يسمع بإصابة أحد بأمراض بسبب الصيد. ولفت إلى أن الطير إذا تم تنظيفه وطهيه بشكل جيد على حرارة مرتفعة، فإن ذلك يسهم في القضاء على الفايروسات والأمراض الموجودة فيه، على عكس الطائر الموجود في المنازل، فهو يعيش في أقفاص ولا يطير آلاف الكيلومترات، فيكون عرضة للأمراض. ويضيف: «إن تزامن عيد الأضحى مع موسم صيد الطيور يعتبر أمراً مغرياً، نظراً إلى كونه موسم إجازة نظامية من العمل، فمنذ بداية العام ننتظر دخول هذه الأيام التي نعدها من أجمل أيام العام، فنعقد اجتماعاتنا الدورية لوضع خطط لتتبع الخرائط والأحوال الجوية وأماكن تحرك الهدف الذي نجتمع لأجله». ويجد الهاوي ناصر عشوي، أنه استفاد من الإجازة للعودة إلى منزل عائلته في عرعر من مقر عمله في حفر الباطن، والخروج مع أصدقائه لصيد الطيور المختلفة مثل «القمري» والأرانب البرية، لافتاً إلى أنه لا يعير تحذيرات الأطباء أي اهتمام، إذ إنه يمارس هذه الهواية منذ أعوام ولم يصب بأي مرض من الطيور، كما لم يسمع بإصابة أحد من معارفه. من جهته، نوّه الطبيب البيطري سليم العنزي بخطورة الأمراض التي تحملها بعض الطيور والحيوانات، مطالباً الهواة بالحذر منها والاهتمام بالنصائح الطبيّة المتعلقّة بهذا الشأن. ويقول في حديثه إلى «الحياة»: «من الخطأ تجاهل التحذيرات التي يطلقها الأطباء باستمرار مما تحمله بعض الحيوانات من أمراض، فهذه الأمراض الفايروسية تنتشر بين الطيور بشكل دائم، وتم التحذير منها مراراً، لكن للأسف هناك من لا يلتزم بها، فبعض الهواة لديهم اعتقاد خاطئ بأن الطائر البري لا يمرض ولا ينقل الأمراض»، مطالباً الجهات المعنية باتخاذ إجراءات مشدّدة لمنع صيد الطيور البرية